فَانْتَهَبَهَا النَّاسُ إنْ تُرِكَ لِيَأْخُذَ مَنْ شَاءَ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَوْ حَصَدَ زَرْعَهُ وَبَقِيَ هُنَاكَ سَنَابِلُ لَا بَأْسَ بِالْتِقَاطِهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجِبُ لِلْعَامِلِ حِفْظُ نَفْسِهِ عَنْ الْحَرَامِ، لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْرِقَ شَيْئًا مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْقُضْبَانِ لِطَبْخِ الْقِدْرِ وَلَا مِنْ الدَّعَائِمِ وَالْعَرِيشِ، وَإِذَا رَفَعَ الْقُضْبَانَ وَقْتَ الرَّبِيعِ وَأَخْرَجَ مِنْ الْكَرْمِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْقُضْبَانِ يَعْنِي مِنْ مَدِّ فَيْجٍ (يَعْنِي شاخ خشك) ، وَلَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ الْعِنَبِ وَالثِّمَارِ لِلضَّيْفِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْكَرْمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَفَعَ الْمَرِيضُ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ فَقَامَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ وَلَقَّحَهُ وَسَقَاهُ حَتَّى أَثْمَرَ، ثُمَّ مَاتَ رَبُّ النَّخِيلِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ النَّخِيلِ وَثَمَرِهِ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الثَّمَرِ يَوْمَ طَلَعَ مِنْ النَّخِيلِ وَصَارَ كُفُرَّى وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ، فَإِنْ كَانَ نِصْفُ قِيمَتِهِ مِثْلَ أَجْرِ الْعَامِلِ أَوْ أَقَلَّ فَلِلْعَامِلِ نِصْفُ الثَّمَرِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ نُظِرَ إلَى مِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِ الْعَامِلِ يَوْمَ تَقَعُ الْقِسْمَةُ فَيُعْطَى الْعَامِلُ ذَلِكَ، وَثُلُثُ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ مِمَّا يَبْقَى مِنْ حِصَّتِهِ وَصِيَّةً لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَارِثًا فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النِّصْفِ مِنْ الْكُفُرَّى حِينَ طَلَعَتْ مِثْلَ أَجْرِهِ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِنِصْفِ جَمِيعِ الثَّمَرِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ نِصْفِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ ضَرَبَ مَعَهُمْ فِي التَّرِكَةِ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِهِ لِيُمْكِنَ الْوَصِيَّةُ هَاهُنَا بِطَرِيقِ الْمُحَابَاةِ، وَلَوْ دَفَعَ الصَّحِيحُ إلَى الْمَرِيضِ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ فَقَامَ عَلَيْهِ الْمَرِيضُ بِأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَقَاهُ وَلَقَّحَهُ حَتَّى صَارَ ثَمَرًا ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَرَبُّ النَّخِيلِ مِنْ وَرَثَتِهِ وَأَجْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا شُرِطَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ هَاهُنَا فِيمَا لَا حَقَّ فِيهِ لِغُرَمَائِهِ وَلِوَرَثَتِهِ وَهُوَ مَنَافِعُ بَدَنِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
أَشْجَارٌ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ لِأَقْوَامٍ يَجْرِي ذَلِكَ النَّهْرُ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، بَعْضُ الْأَشْجَارِ فِي سَاحَةٍ لِهَذِهِ السِّكَّةِ فَادَّعَى بَعْضُ أَهْلِ السِّكَّةِ أَنَّ غَارِسَهَا فُلَانٌ وَأَنَا وَارِثُهُ، وَأَنْكَرَ أَهْلُ السِّكَّةِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُطْلَبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَمَا كَانَ مِنْ الْأَشْجَارِ خَارِجًا مِنْ حَرِيمِ النَّهْرِ فَلِجَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ وَمَا كَانَ عَلَى حَرِيمِ النَّهْرِ فَهُوَ لِأَرْبَابِ النَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ الْغَارِسُ وَلَا مَالِكُ التَّالَّةِ تَحْكُمُ الْأَرْضُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ نَبَتَ مِنْ عُرُوقِهَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ هُوَ الَّذِي سَقَاهُ وَأَنْبَتَ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ إنْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْأَرْضِ أَنَّهُ نَبَتَ مِنْ عُرُوقِ شَجَرِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
نَوَاةُ رَجُلٍ ذَهَبَتْ بِهَا الرِّيحُ إلَى كَرْمِ غَيْرِهِ فَنَبَتَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ؛ لِأَنَّ النَّوَاةَ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ خَوْخَةُ رَجُلٍ فِي كَرْمِ غَيْرِهِ فَنَبَتَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ نَبَتَتْ مِنْ النَّوَاةِ بَعْد مَا ذَهَبَ لَحْمُ الْخَوْخَةِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَلَوْ خَرَجَ الثَّمَرُ فِي النَّخِيلِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ فَالْكُلُّ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى الدَّافِعِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرِ لَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَافِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
رَجُلٌ لَهُ شَجَرَةٌ (تَحَرَّقَتْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَنَبَتَتْ الْعُرُوقُ) فَوَهَبَ صَاحِبُ الشَّجَرَةِ تِلْكَ التَّالَّاتِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَتْ التَّالَّاتُ تَيْبَسُ إذَا قُطِعَتْ الشَّجَرَةُ لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
الْعَامِلُ إذَا غَرَسَ الْأَشْجَارَ فِي كَرْمِ الدِّهْقَانِ فِي مُدَّةِ الْمُعَامَلَةِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ، يُنْظَرُ إنْ غَرَسَهَا لِلدِّهْقَانِ مُتَبَرِّعًا فَهِيَ لِلدِّهْقَانِ، وَإِنْ أَمَرَ الدِّهْقَانُ بِشِرَائِهَا وَغَرْسِهَا فِي كَرْمِهِ فَهِيَ لِلدِّهْقَانِ، وَعَلَى الدِّهْقَانِ لِلْعَامِلِ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا الْأَشْجَارَ، وَإِنْ