وَإِذَا وَجَبَ الْجَزَاءُ بِالتَّطَيُّبِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَلَوْ لَمْ يُزِلْهُ بَعْدَمَا كَفَّرَ لَهُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ دَمٍ آخَرَ لِبَقَائِهِ وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ الْوُجُوبُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِشَمِّ الرَّيْحَانِ وَالطِّيبِ وَالثِّمَارِ الطَّيِّبَةِ مَعَ كَرَاهَةِ شَمِّهِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ رَبَطَ مِسْكًا أَوْ كَافُورًا أَوْ عَنْبَرًا فِي طَرَفِ إزَارِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ رَبَطَ الْعُودَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ يَجِدُ رَائِحَتَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْعُدَ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ أَوْ مَوْضِعٍ يَتَبَخَّرُ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ إذَا كَانَ جُلُوسُهُ هُنَاكَ لِاسْتِشْمَامِ الرَّائِحَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْخَبِيصِ لِلْمُحْرِمِ وَهُوَ الْحَلْوَاءُ الْمُزَعْفَرُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ تَطَيَّبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ انْتَقَلَ بَعْدَهُ مِنْ مَكَانٍ إلَى آخَرَ مِنْ بَدَنِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي اللُّبْسِ) إذَا لَبِسَ الْمُحْرِمُ الْمَخِيطَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَصَدَقَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ لَبِسَهُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا أَدْخَلَ مَنْكِبَيْهِ الْقَبَاءَ دُونَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا لَبِسَ الطَّيْلَسَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِرَّهُ، وَإِنْ زَرَّ الْقَبَاءَ أَوْ الطَّيْلَسَانَ يَوْمًا لَزِمَهُ دَمٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ الرِّدَاءَ أَوْ شَدَّ الْإِزَارَ بِحَبْلٍ يَوْمًا كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ الْمَخِيطَ أَيَّامًا فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ لَيْلًا وَنَهَارًا يَكْفِيهِ دَمٌ وَاحِدٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ ذَبَحَ الْهَدْيَ وَدَامَ عَلَى لُبْسِهِ يَوْمًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الدَّوَامَ عَلَيْهِ لُبْسٌ مُبْتَدَأٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمَخِيطِ دَامَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ يَوْمًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَلَوْ نَزَعَهُ وَعَزَمَ عَلَى تَرْكِهِ ثُمَّ لَبِسَ إنْ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ يَلْبَسُهُ بِالنَّهَارِ وَيَنْزِعُهُ بِاللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا دَمٌ وَاحِدٌ بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ لَبِسَ قَمِيصًا بَعْضَ يَوْمِهِ ثُمَّ لَبِسَ فِي يَوْمِهِ سَرَاوِيل ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْنِ وَقَلَنْسُوَةً فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ غَطَّى الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ يَوْمًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا غَطَّاهُ لَيْلَةً كَامِلَةً سَوَاءٌ غَطَّاهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ نَائِمًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا غَطَّى رُبْعَ رَأْسِهِ فَصَاعِدًا يَوْمًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمَشْهُورِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ لَا يَجِبُ الدَّمُ حَتَّى يُغَطِّيَ الْأَكْثَرَ مِنْ الرَّأْسِ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَشْهُورِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَعْصِبَ رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَوْمًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ عَصَبَ مَوْضِعًا آخَرَ مِنْ جَسَدِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَثُرَ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
وَلَوْ حَمَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا عَلَى رَأْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ كَالطَّسْتِ وَالْأَجَانَةِ وَعَدْلِ بَرٍّ وَنَحْوِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ مِنْ الثِّيَابِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَلْبَسَ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا مَخِيطًا أَوْ مُطَيَّبًا بِطِيبٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ إلَى لُبْسِ ثَوْبٍ فَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا عَلَى مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ كَفَّارَةُ الضَّرُورَةِ بِأَنْ اُضْطُرَّ إلَى قَمِيصٍ وَاحِدٍ فَلَبِسَ قَمِيصَيْنِ أَوْ قَمِيصًا وَجُبَّةً أَوْ اُضْطُرَّ إلَى الْقَلَنْسُوَةِ فَلَبِسَ قَلَنْسُوَةً وَعِمَامَةً، وَإِنْ لَبِسَهُمَا عَلَى مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ وَغَيْرِهِ كَمَا إذَا اُضْطُرَّ إلَى لُبْسِ الْعِمَامَةِ أَوْ الْقَلَنْسُوَةِ فَلَبِسَهُمَا مَعَ الْقَمِيصِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ كَفَّارَةُ الضَّرُورَةِ وَكَفَّارَةُ الِاخْتِيَارِ وَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ زَالَتْ الضَّرُورَةُ فَدَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَمَا دَامَ فِي شَكٍّ مِنْ زَوَالِ الضَّرُورَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ.