الطِّيبِ إنْ كَانَ الطِّيبُ فِي نَفْسِهِ بِحَيْثُ يَسْتَكْثِرُهُ النَّاسُ كَكَفَّيْنِ مِنْ مَاءِ الْوَرْدِ وَكَفٍّ مِنْ الْغَالِيَةِ وَالْمِسْكِ بِقَدْرِ مَا اسْتَكْثَرَهُ النَّاسُ فَهُوَ كَثِيرٌ وَمَا لَا فَلَا وَالصَّحِيحُ أَنْ يُوَفَّقَ وَيُقَالُ إنْ كَانَ الطَّيِّبُ قَلِيلًا فَالْعِبْرَةُ لِلْعُضْوِ لَا لِلطِّيبِ حَتَّى لَوْ طَيَّبَ بِهِ عُضْوًا كَامِلًا يَكُونُ كَثِيرًا يَلْزَمُهُ دَمٌ وَفِيمَا دُونَهُ صَدَقَةٌ، وَإِنْ كَانَ الطِّيبُ كَثِيرًا فَالْعِبْرَةُ لِلطِّيبِ لَا لِلْعُضْوِ حَتَّى لَوْ طَيَّبَ بِهِ رُبْعَ عُضْوٍ يَلْزَمُهُ دَمٌ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّبْيِينِ هَذَا فِي الْبَدَنِ وَأَمَّا الثَّوْبُ وَالْفِرَاشُ إذَا الْتَزَقَ بِهِ طِيبٌ اُعْتُبِرَتْ فِيهِ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَكَانَ الْفَارِقُ هُوَ الْعُرْفُ، وَإِلَّا فَمَا يَقَعُ عِنْدَ الْمُبْتَلَى كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَيَسْتَوِي فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ بِالتَّطَيُّبِ الذِّكْرُ وَالنِّسْيَانُ وَالطَّوْعُ وَالْكُرْهُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ
وَلَوْ طَيَّبَ جَمِيعَ أَعْضَائِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ طَيَّبَ كُلَّ عُضْوٍ فِي مَجْلِسٍ عَلَى حِدَةٍ فَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ لِكُلِّ عُضْوٍ كَفَّارَةٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ لِلثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ كَفَاهُ دَمٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ خَضَّبَ رَأْسَهُ بِحِنَّاءٍ يَجِبُ الدَّمُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَائِعًا، وَإِنْ كَانَ مُلَبَّدًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ دَمٌ لِلتَّطَيُّبِ وَدَمٌ لِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ (1) كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ خَضَّبَ رَأْسَهُ بِالْوَسْمَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا خَضَّبَ رَأْسَهُ بِالْوَسْمَةِ لِأَجْلِ الْمُعَالَجَةِ مِنْ الصُّدَاعِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُغَلِّفُ رَأْسَهُ وَهَذَا صَحِيحٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ فَإِنْ غَسَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَلَوْ غَسَلَ الْمُحْرِمُ بِأُشْنَانٍ فِيهِ طِيبٌ فَإِنْ كَانَ مَنْ رَآهُ سَمَّاهُ أُشْنَانًا كَانَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ كَانَ سَمَّاهُ طِيبًا كَانَ عَلَيْهِ الدَّمُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَا يَجِبُ بِلُبْسِ الْمَخِيطِ.
وَلَوْ مَسَّ طِيبًا فَلَزِقَ بِهِ مِقْدَارَ عُضْوٍ كَامِلٍ وَجَبَ الدَّمُ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّطَيُّبَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَصَدَقَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَقْ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ مُطَيَّبٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِرَارًا كَثِيرَةً فَعَلَيْهِ دَمٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ كَانَ الطِّيبُ فِي أَعْضَائِهِ مُتَفَرِّقَةً يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنْ بَلَغَ عُضْوًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ.
وَلَوْ دَاوَى قُرْحَةً بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ ثُمَّ خَرَجَتْ قُرْحَةٌ أُخْرَى فَدَاوَاهَا مَعَ الْأُولَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ تَبْرَأْ الْأُولَى (2) كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ
وَلَوْ كَانَ الطِّيبُ فِي طَعَامٍ طُبِخَ وَتَغَيَّرَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي أَكْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ تُوجَدُ رَائِحَتُهُ أَوْ لَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا يُؤْكَلُ بِلَا طَبْخٍ فَإِنْ كَانَ مَغْلُوبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ وُجِدَتْ مَعَهُ الرَّائِحَةُ كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ غَالِبًا وَجَبَ الْجَزَاءُ وَلَوْ خَلَطَهُ بِمَا يُشْرَبُ فَإِنْ كَانَ غَالِبًا فَدَمٌ، وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَشْرَبَ مِرَارًا فَيَجِبُ دَمٌ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَإِنْ أَكَلَ عَيْنَ الطِّيبِ غَيْرَ مَخْلُوطٍ بِالطَّعَامِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ إذَا كَانَ كَثِيرًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ دَخَلَ بَيْتًا قَدْ أُجْمِرَ فَعَلِقَ بِثَوْبِهِ رَائِحَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَجْمَرَ ثَوْبَهُ فَعَلِقَ بِثَوْبِهِ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ لِأَنَّهُ مُنْتَفِعٌ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَدْهَنَ بِدُهْنٍ فَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ مُطَيَّبًا كَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَسَائِرِ الْأَدْهَانِ الَّتِي فِيهَا الطِّيبُ فَعَلَيْهِ دَمٌ إذَا بَلَغَ عُضْوًا كَامِلًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَيَّبٍ بِأَنْ أُدْهِنَ بِزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ