بَعْدَ أَيَّامٍ وَرَدَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّدِّ مَجْلِسُ الْإِبْرَاءِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
ذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ هِبَةِ الْعَبْدِ التَّاجِرَ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَوَهَبَهُ لِمَوْلَاهُ صَحَّ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهَلْ يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمَوْلَى، قِيلَ بِأَنَّهُ يَرْتَدُّ إجْمَاعًا، هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ صَحَّ، وَإِنْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّيْنِ مُطْلَقًا يَنْفُذُ فِي الرُّبُعِ وَيَتَوَقَّفُ فِي الرُّبُعِ كَمَا لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ، كَذَا فِي الصُّغْرَى.
مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا وَهَبَ مَالًا مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ يَمْلِكُهُ رَبُّ الدَّيْنِ بِالْهِبَةِ لَا بِالدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ لِمُكَاتَبِهِ وَهَبْتُ لَكَ مَالِي عَلَيْكَ، فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا أَقْبَلُ، عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَفِي فَتَاوَى آهُو سُئِلَ بُرْهَانُ الدِّينِ عَمَّنْ مَاتَ مُفْلِسًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَتَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، هَلْ يَسْقُطُ دَيْنُهُ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ السَّاقِطِ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْآخِرَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. سُئِلَ أَيْضًا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا مَاتَ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، فَقَالَ وَرَثَةُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْآجِرِ (مَا ازَّيَّنَ خَانَهُ بَيْزًا رشديم) ، هَلْ يَبْرَأُ عَنْ مَالِ الْإِجَارَةٍ؟ قَالَ: لَا يَبْرَأُ بَلْ يَسْقُطُ إذَا قَالَ عِنْدَ الْقَبْرِ (آزَادَكُنَّ كُرِدْنَ أَيْنَ غَرِيم را) ، فَقَالَ الْوَارِثُ (وى خودآزاداست) لَا يَبْرَأُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
قُلْتُ: سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَنْ امْرَأَةِ الْمُتَوَفَّى قَالَتْ (هِشْت يك خويش وِكَابَيْنِ بفرزندان ارزانى داشتم) ، هَلْ يَبْرَأُ عَنْ التَّرِكَةِ؟ قَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
لَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: تَرَكْتُ دَيْنِي عَلَيْكَ أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (حَقّ خويش بتوماندم) يَكُونُ إبْرَاءً حَتَّى لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَسُئِلَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِ رَجُلٍ فَأَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، هَلْ يَرْجِعُ الْمُتَبَرِّعُ بِمَا أَدَّى؟ قَالَ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ (كردن شوى مادرخودراازحقى كه مادرترايركردن وى يود آزادكن) ، فَقَالَ (آزاد كردم إكروى مادر مِنْ بِحل كند) ، فَقَالَ (كردم) ، هَلْ يَكُونُ إبْرَاءً، قَالَ لَا؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِخَطَرٍ وَهَذَا بَاطِلٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ (مرابحل كن) ، فَقَالَ (بِحل كردم اكرمر ابحل كنى) ، فَقَالَ (بِحل كردم) لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَيَصِحُّ إبْرَاءُ الثَّانِي، وَلَوْ قَالَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (كردن أَوْ بيزار كردم) أَوْ قَالَ (آزاد كردم وَلَكِنْ تامادر ابحل كَنِدِّ) يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ، قَالَ أَيْضًا: وَلَوْ قَالَ (مرابحل كُنَّ ناترابحل كَنَمِّ) ، فَقَالَ (بِحِلِّ كَرَدْمِ) ، فَقَالَ (مَنْ نيزبحل كَرَدْمِ هَوَجه دِين اسْتُ) يَبْرَأُ مِنْهُ (وَهَرْجه عِير اسْتُ) كَالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَفِيمَا يَمْنَعُ عَنْ الرُّجُوعِ وَمَا لَا يَمْنَعُ) . فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ مَكْرُوهٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَيَصِحُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْهِبَةَ أَنْوَاعٌ، هِبَةٌ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَهِبَةٌ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِذِي رَحِمٍ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ أَوْ لِمَحْرَمٍ لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ
لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ إلَّا أَنَّ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لَا يَنْفَرِدُ الْوَاهِبُ بِالرُّجُوعِ بَلْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا أَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَنْفَرِدُ الْوَاهِبُ