يَأْخُذَ جُمْلَةً مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ وَلَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ مَالِهِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالدَّرَاهِمِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
رَجُلٌ أَهْدَى إلَى مُقْرِضِهِ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُهْدِ إلَيْهِ شَيْئًا قَبْلَ الِاسْتِقْرَاضِ كُرِهَ الْقَبُولُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
بَقَرَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَحْلِبُ لَبَنَهَا فَهَذِهِ مُهَايَأَةٌ بَاطِلَةٌ وَلَا يَحِلُّ فَضْلُ اللَّبَنِ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ جُعِلَ فِي حِلٍّ إلَّا أَنْ يَسْتَهْلِكَ صَاحِبُ الْفَضْلِ فَضْلَهُ ثُمَّ جَعَلَهُ فِي حِلٍّ فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَمْ يَجُزْ، وَالثَّانِي هِبَةُ الدَّيْنِ وَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْحَمَّادِيَّةِ.
انْتَهَبَ وِسَادَةَ كُرْسِيِّ الْعَرُوسِ وَبَاعَهَا يَحِلُّ إنْ كَانَتْ وُضِعَتْ لِلنَّهْبِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي الْفَتَاوَى قِيلَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ: إنَّ غَرِيمَكَ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا، فَقَالَ: فَهُوَ فِي حِلٍّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ كَذَا، فَقَالَ: هُوَ بَرِيءٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ، وَلَوْ قَالَ: فَهُوَ بَرِيءٌ لَا يَبْرَأُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ بَعَثَ إلَى غَيْرِهِ صُقْرَاطًا هَدِيَّةً ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ مِنْ بَقَرَةِ ابْنِ الْمُهْدِي الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ بِالْعِلَاجِ حَتَّى صَارَ اللَّبَنُ صُقْرَاطًا، وَكَذَا لَوْ عَوَّضَهُ الْمُهْدَى إلَيْهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ) . هِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ جَائِزَةٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَهِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ جَائِزَةٌ إذَا أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
هِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْن وَإِبْرَاءَهُ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ مِنْ الْمَدْيُونِ وَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ ذَكَرَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ بَدَلَ الصَّرْفِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ بَدَلَ الصَّرْفِ فَأَبْرَأَهُ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ، فَإِنْ قَبِلَهُ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يَبْرَأُ، وَفِي سَائِرِ الدُّيُونِ يَبْرَأُ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ إلَّا أَنَّهُ تَرْتَدُّ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ بِالرَّدِّ، هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ، وَأَمَّا هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ الْكَفِيلِ وَإِبْرَاءَهُ عَنْ الدَّيْنِ فَالْهِبَةُ مِنْهُ لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبُولِ وَتَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَإِبْرَاؤُهُ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَإِنْ وَهَبَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ أَبْرَأَهُ فَمَاتَ قَبْلَ الرَّدِّ فَهُوَ بَرِيءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَيِّتًا فَأَبْرَأهُ مِنْهُ وَجَعَلَهُ فِي حِلٍّ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ رَدَّ الْوَارِثُ هَذَا الْإِبْرَاءَ يَعْمَلُ رَدُّهُ وَيَقْضِي بِالْمَالِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَعْمَلُ رَدُّهُ وَالْبَرَاءَةُ مَاضِيَةٌ عَلَى حَالِهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْهُ إنْ قَبِلَ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يَبْرَأُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَمَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَوَهَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ لِوَارِثِ الْمَدْيُونِ صَحَّ سَوَاءٌ كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرِقَةً أَمْ لَمْ تَكُنْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ رَدَّ الْوَارِثُ الْهِبَةَ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ وَهَبَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ فَالْهِبَةُ لِكُلِّهِمْ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثَ صَحَّ أَيْضًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَفِي فَتَاوَى آهُو: وَلَوْ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ أَحَدَ الْوَرَثَةِ مِنْ الدَّيْنِ صَحَّ فِي نَصِيبِهِ وَفِي الْخِزَانَةِ عَقْدَانِ يَكُونَ الْمَوْتُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْقَبُولِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ إذَا لَمْ يَقْبَلْهُ حَتَّى مَاتَ الْمَدْيُونُ، وَالْوَصِيَّةُ إذَا لَمْ يَقْبَلْهَا الْمُوصَى لَهُ حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي تَجِبُ الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ لِابْنِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَهُوَ صَغِيرٌ لَمْ تَجُزْ، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ قَالَ لَهُ الْغَرِيمُ: أَبْرِئْنِي عَمَّا لَكَ عَلَيَّ، فَقَالَ: قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ دَيْنِي عَلَيْكَ، فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ، فَهُوَ بَرِيءٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَهَبَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَفِي التَّرِكَةِ نَقُودٌ وَعُرُوضٌ صَحَّ اسْتِحْسَانًا كَالصُّلْحِ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهِبَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَيْنِ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ تَصِحُّ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَلَا تَصِحُّ فِيمَا يَحْتَمِلُهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَفِي فَتَاوَى آهُو: وَلَوْ قَبَضَ الْمَالَ مِنْ الْمَدْيُونِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (وامى كه مرابوده است بتو بخشيدم) صَحَّتْ الْهِبَةُ، وَإِذَا صَحَّتْ الْهِبَةُ كَانَ لِلْمَدْيُونِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِمَا دَفَعَ إلَى رَبِّ الدَّيْنِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ فَلَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى افْتَرَقَا عَنْ الْمَجْلِسِ فَجَاءَ