فَأَيْنَ السَّابِعُ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَوْدَعْتَنِي سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً وَلَا أَدْرِي ضَاعَتْ أَوْ لَمْ تَكُنْ عِنْدِي، وَتَارَةً يَقُولُ: لَا أَدْرِي، هَلْ جَاءَنِي مِنْ عِنْدِكَ رَسُولٌ فَاسْتَرَدَّهَا وَحَمَلَهَا إلَيْكَ أَمْ لَا، هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِإِضَاعَتِهِ فَلَا يَتَنَاقَصُ، كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ.
رَجُلٌ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً وَلَهُ عَلَى الْمُودَعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ الْمُودَعُ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَخَذْتُ الْوَدِيعَةَ وَالدَّيْنُ عَلَيْكَ عَلَى حَالِهِ، وَقَالَ الْمُودَعُ: بَلْ أَعْطَيْتُكَ الْقَرْضَ وَقَدْ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْأَلْفِ الْمَرْدُودِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى الْمَالِكِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْأَلْفِ الْهَالِكِ فَالْمَالِكُ يَدَّعِي فِيهِ الْأَخْذَ قَرْضًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي الْأَخْذَ وَدِيعَةً، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) الْوَدِيعَةُ إنْ كَانَتْ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَقَتَلَ الْمُودَعَ يُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ، وَفِي الْخَطَأِ يَدْفَعُ أَوْ يَفْدِي، وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرًا غَرِمَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ أَوْدَعَنِي فُلَانٌ بَلْ فُلَانٌ فَهُوَ لِلثَّانِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: جَعَلْتُهَا قِصَاصًا بِدَيْنِي: إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدَيْهِ أَوْ قَرِيبَةً مِنْهُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى قَبْضِهَا جَازَ وَصَارَتْ قِصَاصًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِيبَةً مِنْهُ لَا تَكُونُ قِصَاصًا مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا جَحَدَ الْمُسْتَوْدَعُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ أَوْدَعَ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ الْمُودِعِ مِثْلَ ذَلِكَ وَسِعَهُ إمْسَاكُهُ قِصَاصًا بِمَا ذَهَبَ بِهِ مِنْ وَدِيعَتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَأَنْكَرَهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ مِثْلَهُ، فَأَمَّا إذَا أَوْدَعَهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ لَمْ يَسَعْهُ إمْسَاكُهُ عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْأَوَّلِ إذَا حَلَفَ يَحْلِفُ لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ وَلَا يَحْلِفُ مَا أَوْدَعْتَنِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا كَانَ لِرَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً عِنْدَ إنْسَانٍ وَلِلْآخَرِ عَلَى الْمُودِعِ أَلْفٌ دَيْنٌ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَهُوَ الْغَرِيمُ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُودَعِ إذَا ظَفِرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْأَلْفَ إلَى غَرِيمِهِ، كَذَا فِي شَاهَانْ.
إذَا أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الْمُودِعَ وَهَبَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْعَبْدُ لَيْسَ بِحَاضِرٍ فَقَبِلَهُ الْمُسْتَوْدَعُ جَازَ وَيَنُوبُ قَبْضُ الْوَدِيعَةِ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ وَيَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ قَابِضًا لِلْعَبْدِ بِنَفْسِ الْهِبَةِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُجَدِّدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِيهِ قَبْضًا يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرْجِعْ كَانَ الْكَفَنُ عَلَيْهِ، فَإِنْ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ جَدَّدَ فِيهِ قَبْضًا قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَهُ الْمُسْتَحِقُّ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُودَعِ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ فِيهِ قَبْضًا قَبْلَ ذَلِكَ يَرْجِعُ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ فِي رَجُلٍ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً لِرَجُلٍ، فَقَالَ: هِيَ قَضَاءٌ بِمَالِكَ عَلَيَّ بِأَنْ كَانَ لِلْمُودَعِ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إلَى مَنْزِلِهِ لِيَقْبِضَهَا حَتَّى ضَاعَتْ فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُودَعِ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ، وَالْقَبْضُ بِجِهَةِ الْقَرْضِ وَالِاقْتِضَاءِ قَبْضُ ضَمَانٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَتْلَفَ وَدِيعَةَ إنْسَانٍ لِلْمُودِعِ أَنْ يُخَاصِمَ وَيُغَرِّمَهُ الْقِيمَةَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَإِذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ فَغَصَبَهَا مِنْهُ رَجُلٌ فَهُوَ خَصْمُهُ فِيهَا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
أَوْدَعَ رَجُلًا جَارِيَةً فَغَصَبَهَا مِنْهُ رَجُلٌ فَأَبَقَتْ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْقِيمَةَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُودَعِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ فَلِلْمَوْلَى الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ، فَإِنْ أَخَذَ الْجَارِيَةَ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُودَعِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَبِمِثْلِهَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً، فَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً حَتَّى ضَمِنَ الْمُودَعُ مِثْلَهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ، فَإِنْ كَانَ الْمُودَعُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الْقِيمَةَ مِنْ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ بَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقِيمَةِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ وَاخْتَارَ الْمَوْلَى أَخْذَهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُودَعِ بِالْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَبِمِثْلِهَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً، وَلَا يَرْجِعُ الْمُودَعُ عَلَى الْمَوْلَى هُنَا بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةُ.
رَجُلٌ أَوْدَعَ وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ فَضَاعَتْ فَلَمَّا طَلَبَهَا صَاحِبُهَا ادَّعَى أَنَّهَا هَلَكَتْ فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَحَلَفَ