ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُودَعِ، فَإِنْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْمُودَعِ هَلَكَ أَمَانَةً بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَلَوْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْقَابِضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْغَائِبَ فِيمَا بَقِيَ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ دَفَعَ الْمُودَعُ إلَى الْحَاضِرِ نِصْفَهَا ثُمَّ هَلَكَ مَا بَقِيَ وَحَضَرَ الْغَائِبُ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ الدَّفْعُ بِقَضَاءٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَإِنْ شَاءَ الَّذِي حَضَرَ اتَّبَعَ الدَّافِعَ بِنِصْفِ مَا دَفَعَ وَيَرْجِعُ بِهِ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْقَابِضِ نِصْفَ مَا قَبَضَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْمُودِعِينَ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُودَعِ عَلَى أَنَّ الْوَدِيعَةَ كُلَّهَا لَهُ أَوْ عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِهِ وَقْتَ الْإِيدَاعِ بِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُودَعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ادَّعَى هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ أَوْ أَخَذَ ظَالِمٌ مِنْهُ، فَقَالَ أَحَدُ الْمُودِعِينَ: قَدْ بَقِيَ فِي يَدِكَ شَيْءٌ مِنْ الْوَدِيعَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ فَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى حَقَّ اسْتِرْدَادِ الْوَدِيعَةِ لِأَحَدِهِمَا يَرَى حَقَّ الِاسْتِحْلَافِ لِأَحَدِهِمَا. رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَضَعَاهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: خُذْ نَصِيبَكَ مِنْهُ فَأَخَذَ وَضَاعَ النِّصْفُ الْبَاقِي فَالنِّصْفُ الَّذِي أَخَذَ صَاحِبُهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقَاسِمًا لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ ضَاعَ النِّصْفُ الَّذِي أَخَذَ سَلَّمَ الْبَاقِي لِلشَّرِيكِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلَانِ أَوْدَعَا أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: ادْفَعْ إلَى شَرِيكِي مِائَةً أَوْ قَالَ مِائَتَيْنِ إلَى مَا دُونَ النِّصْفِ فَدَفَعَهَا ثُمَّ ضَاعَتْ الْبَقِيَّةُ سَلَّمَ الْمَأْخُوذَ لِلْآخِذِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ شَرِيكُهُ بِشَيْءٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: ادْفَعْ النِّصْفَ إلَيْهِ ثُمَّ ضَاعَ النِّصْفُ الْبَاقِي رَجَعَ الْآخَرُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: ادْفَعْ إلَيْهِ حِصَّتَهُ فَدَفَعَ فَهُوَ مِنْ حِصَّتِهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلَانِ أَوْدَعَا رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَمَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ وَتَرَكَ ابْنًا فَادَّعَى أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ أَنَّ الِابْنَ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَدْرِي مَا حَالُهَا، فَاَلَّذِي ادَّعَى عَلَى الِابْنِ الِاسْتِهْلَاكَ فَقَدْ أَبْرَأَ الْأَبَ مِنْهَا حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَاسْتَهْلَكَهَا ابْنُهُ وَادَّعَى الضَّمَانَ عَلَى الِابْنِ فَصُدِّقَ فِي حَقِّ الْأَبِ وَلَمْ يُصَدَّقْ فِي حَقِّ الِابْنِ حَتَّى لَا يَقْضِيَ لَهُ عَلَى الِابْنِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِوُجُودِ التَّجْهِيلِ فِي حَقِّهِ وَلَا يُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فِيهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ثَلَاثَةٌ أَوْدَعُوا رَجُلًا مَالًا وَقَالُوا: لَا تَدْفَعْ الْمَالَ إلَى أَحَدٍ مِنَّا حَتَّى نَجْتَمِعَ، فَدَفَعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ ضَامِنًا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِنْ أَرَادَ الْمُودَعُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الضَّمَانِ فَالْحِيلَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لِلْحَاضِرِ الَّذِي يُطَالِبُهُ بَعْدَمَا دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ: أَحْضِرْ خَصْمَكَ حَتَّى أَدْفَعَهُ إلَيْكُمَا، وَلَا يُقِرُّ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(2) ، وَلَوْ كَانَ الْمُودِعُ اثْنَيْنِ الْوَدِيعَةُ مِمَّا