الْوَدِيعَةُ إذَا أَفْسَدَتْهَا الْفَأْرَةُ وَقَدْ اطَّلَعَ الْمُودَعُ عَلَى ثُقْبِ الْفَأْرَةِ إنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهَا أَنَّ هَهُنَا ثَقْبُ الْفَأْرَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ بَعْدَمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسُدَّهُ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَذَكَرَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اسْتَوْدَعَ عِنْدَهُ مَا يَقَعُ فِيهِ السُّوسُ فِي زَمَانِ الصَّيْفِ فَلَمْ يُبَرِّدْهَا بِالْهَوَاءِ حَتَّى وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ وَفَسَدَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ، وَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ غَائِبٌ، فَإِنْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَهُ جَازَ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ حَتَّى فَسَدَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَفِظَ الْوَدِيعَةَ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ بَاعَهَا وَحَفِظَ ثَمَنَهَا لِصَاحِبِهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

إذَا أَصَابَهُ بَخْسٌ أَوْ قَرْضُ فَأْرٍ أَوْ حَرْقُ نَارٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

لَوْ اجْتَمَعَتْ أَلْبَانُ الْوَدِيعَةِ أَوْ ثَمَرَتُهَا فِي الْمِصْرِ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى فَسَدَتْ أَوْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَلَمْ يَبِعْ حَتَّى فَسَدَتْ لَا يَضْمَنُ، هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

أَوْدَعَهُ حَيَوَانَاتٍ وَغَابَ فَحَلَبَ أَلْبَانَهَا فَخَافَ فَسَادَهَا وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَبَاعَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ وَبِأَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

الْخَفَّافُ إذَا تَرَكَ الْخُفَّ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ لِيُصْلِحَهُ فِي الْحَانُوتِ فَسُرِقَ لَيْلًا إنْ كَانَ فِيهِ حَافِظٌ أَوْ فِي السُّوقِ حَارِسٌ لَا يَضْمَنُ، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي بِعَدَمِ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَافِظٌ وَلَا فِي السُّوقِ حَارِسٌ وَقَدْ قِيلَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ إنْ كَانُوا يَتْرُكُونَ الْحَوَانِيتِ مِنْ غَيْرِ حَافِظٍ وَلَا حَارِسٍ هُنَاكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ ضَمِنَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

وَكَذَلِكَ قِيلَ لَوْ تَرَكَ بَابَ الدُّكَّانِ مَفْتُوحًا وَكَانَ فِي مَوْضِعِ ذَلِكَ عُرْفُهُمْ وَعَادَتُهُمْ لَا ضَمَانَ، وَفِي بُخَارَى جَرَى الْعُرْفُ بِتَرْكِ بَابِ الدُّكَّانِ مَفْتُوحًا بِالْيَوْمِ وَتَعْلِيقِ شَيْءٍ عَلَى بَابِ الدُّكَّانِ نَحْوِ الشَّبَكَةِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَالرِّوَايَةُ مَحْفُوظَةٌ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْحَائِكُ الثَّوْبَ الَّذِي نَسَجَ بَعْضَهُ وَالْغَزْلَ فِي بَيْتِ الطَّرَّازِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَافِظٌ وَلَا حَارِسٌ فِي السُّوقِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَائِكِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

خَفَّافٌ خَرَجَ إلَى الْقُرَى لِخَرْزِ الْخِفَافِ فَدُفِعَ إلَيْهِ خُفٌّ فَوَضَعَهُ مَعَ رَحْلِهِ فِي دَارِ رَجُلٍ وَدَخَلَ الْبَلَدَ فَسُرِقَ، فَإِنْ كَانَ اتَّخَذَ دَارًا لِلسُّكْنَى بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ وَضَعَ فِي دَارِ رَجُلٍ لَا يَسْكُنُ هُوَ فِي تِلْكَ الدَّارِ ضَمِنَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

الْإِسْكَافُ إذَا أَخَذَ خُفًّا أَوْ جُشْكًا لِيُصْلِحَهُ فَلَبِسَهُ الْإِسْكَافُ ضَمِنَ مَا دَامَ لَابِسًا، فَإِذَا نَزَعَهُمَا ثُمَّ ضَاعَ لَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

إذَا سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ دَارِ الْمُودَعِ وَبَابُ الدَّارِ مَفْتُوحٌ وَالْمُودَعُ غَائِبٌ عَنْ الدَّارِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ ضَامِنًا، قِيلَ: لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ دَخَلَ كَرْمَهُ أَوْ بُسْتَانَه وَهُوَ مُتَلَازِقٌ بِالدَّارِ، قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَلَا فِي مَوْضِعٍ يَسْمَعُ الْحِسَّ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا، وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا لَمْ يَكُنْ أَغْلَقَ الْبَابَ فَسُرِقَ مِنْهُ الْوَدِيعَةُ لَا يَضْمَنُ، يَعْنِي إذَا كَانَ فِي الدَّارِ حَافِظٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا رَبَطَ دَابَّةَ الْوَدِيعَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ تَرَكَهَا وَدَخَلَ الدَّارَ فَضَاعَتْ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَرَاهَا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا، فَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرَى فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ رَبَطَهَا فِي الْكَرْمِ أَوْ عَلَى رَأْسِ الْمَبْطَخَةِ وَذَهَبَ قِيلَ: إنْ غَابَتْ عَنْ بَصَرِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي هَذَا وَأَجْنَاسِهِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ جَعَلَ حِمَارَ الْوَدِيعَةِ فِي الْكَرْمِ إنْ كَانَ لِلْكَرْمِ حَائِطٌ رَفِيعٌ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْمَارُّ مَا فِي الْكَرْمِ وَأَغْلَقَ الْبَابَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَائِطٌ أَوْ كَانَ لَكِنَّهُ غَيْرُ رَفِيعٍ يُنْظَرُ إنْ نَامَ الْمُودَعُ وَوَضَعَ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ يَضْمَنُ إنْ ضَاعَتْ الدَّابَّةُ، وَإِنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ، وَفِي السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

أَوْدَعَهُ سِكِّينًا فَجَعَلَهَا فِي سَاقِ خُفِّهِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْحِفْظِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

الْمُودَعُ إذَا جَعَلَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ فِي الْخُفِّ فَسَقَطَتْ عَنْهُ إنْ جَعَلَهَا فِي الْخُفِّ الْيُمْنَى فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ جَعَلَهَا فِي الْخُفِّ الْيُسْرَى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى جَعَلَهَا فِي الْخُفِّ الْيُمْنَى فَقَدْ عَرَّضَهَا لِلضَّيَاعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015