لَهُ كَصُرَّةِ الدَّرَاهِمِ وَالذَّهَبِ وَنَحْوِهِمَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا قَالَ: دُفِنَتْ فِي دَارِي أَوْ كَرْمِي وَنَسِيتُ مَكَانَهَا لَمْ يَضْمَنْ إذَا كَانَ لِلدَّارِ وَالْكَرْمِ بَابٌ، وَلَوْ قَالَ: دُفِنَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَنَسِيتُ مَكَانَهَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الدَّفْنَ لَكِنَّهُ قَالَ: سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمَكَانِ الْمَدْفُونِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ وَالْكَرْمِ بَابٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَابٌ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي وَضَعْتُ فِي دَارِي أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
سَلَّمَ الْمُودَعُ الدَّارَ الَّتِي فِي بَيْتٍ مِنْهَا الْوَدِيعَةَ إلَى آخَرَ لِحِفْظِهَا إنْ كَانَتْ الْوَدَائِعُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ حَصِينٍ لَا يُمْكِنُ فَتْحُهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَدْفُونَةً إنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً فِي مَوْضِعٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ إلَّا بِاسْتِئْذَانٍ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِهِ وَيَدْخُلُهَا أُنَاسٌ كَثِيرَةٌ فَضَاعَتْ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا يُحْفَظُ فِي الدَّارِ مَعَ دُخُولِهِمْ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
الْمُودَعُ إذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي الْجَبَّانَةِ فَسُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
دَفَنَ فِي أَرْضٍ إنْ عَلَّمَ بِعَلَامَةٍ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ، وَفِي الْمَفَازَةِ يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ تَوَجَّهَتْ اللُّصُوصُ نَحْوَ الْمُودَعِ فَدَفَنَ الْوَدِيعَةَ حَتَّى لَا تُؤْخَذَ مِنْ يَدِهِ وَفَرَّ مِنْ خَوْفِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَظْفَرْ بِالْمَكَانِ الَّذِي دَفَنَ الْوَدِيعَةَ فِيهِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ عَلَامَةً فَلَمْ يَجْعَلْ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ فِي أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْخَوْفِ فَلَمْ يَعُدْ ثَمَّ جَاءَ وَلَمْ يَجِدْ الْوَدِيعَةَ كَانَ ضَامِنًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ مَعَهُ يَذْهَبَانِ جُمْلَةً فَلَمَّا تَوَجَّهَتْ السُّرَّاقُ، قَالَ لَهُ رَبُّ الْوَدِيعَةِ: ادْفِنْهَا، فَدَفَنَهَا ثُمَّ ذَهَبَ السُّرَّاقُ وَذَهَبُوا أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ ذَهَبُوا أَوَّلًا ثُمَّ ذَهَبَ السُّرَّاقُ ثُمَّ حَضَرُوا فَلَمْ يَجِدْ الْمَدْفُونَ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُودَعَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ دَفَنَ بِأَمْرِ الْمَالِكِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُودَعُ وَحْدَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْجَوَابُ فِيهَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ ذَهَبَ السُّرَّاقُ أَوَّلًا وَتَمَكَّنَ الْمُودَعُ مِنْ رَفْعِ الْوَدِيعَةِ فَلَمْ يَرْفَعْهَا وَتَرَكَ ثَمَّةَ مَعَ الْإِمْكَانِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَأَمَّا إذَا مَكَثَ السُّرَّاقُ ثَمَّةَ وَلَمْ يُمْكِنْ الْقَرَارُ ثَمَّةَ لِخَوْفِهِمْ فَذَهَبَ ثُمَّ جَاءَ فَلَمْ يَجِدْ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ جَاءَ عَلَى قَدْرِ مَا أَمْكَنَهُ وَزَالَ الْخَوْفُ فَلَمْ يَجِدْ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ أَخَّرَ مَعَ الْإِمْكَانِ كَانَ ضَامِنًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمُودَعُ إذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي بَيْتٍ خَرَابٍ فِي زَمَانِ الْفِتْنَةِ، فَإِنْ وَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ يَضْمَنُ، وَإِنْ جَعَلَهَا تَحْتَ التُّرَابِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
أَوْدَعَ عِنْدَ آخَرَ قُمْقُمَةً ثُمَّ طَلَبَهَا مِنْهُ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ضَاعَتْ، قِيلَ: لَا يَضْمَنُ، هُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
دَفَعَ إلَى رَجُلٍ قُمْقُمَةً لِيَدْفَعَهَا إلَى إنْسَانٍ لِيُصْلِحَهَا فَدَفَعَهَا وَنَسِيَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
دَفَعَ إلَى مُرَاهِقٍ قُمْقُمَةً لِيَسْقِيَ الْمَاءَ فَتَغَافَلَ عَنْهَا فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
قَالَ خَلَفٌ: سَأَلْتُ أَسَدًا عَمَّنْ لَهُ عَلَى آخَرَ دِرْهَمٌ فَدَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ دِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّهُمَا، وَقَالَ: خُذْ دِرْهَمَكَ فَضَاعَ الدِّرْهَمَانِ قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ دِرْهَمًا، قَالَ هَلَكَ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلِلطَّالِبِ دِرْهَمُهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ حِينَ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّرْهَمَ الْأَوَّلَ: هَذَا حَقُّكَ فَهُوَ مُسْتَوْفٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلدِّرْهَمِ الْآخَرِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
فِي غَصْبِ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَفَعَ إلَى آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ: خَمْسَةٌ مِنْهَا هِبَةٌ لَكَ وَخَمْسَةٌ وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ فَاسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ مِنْهَا خَمْسَةً وَهَلَكَتْ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ يَضْمَنُ سَبْعَةً وَنِصْفًا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا هِبَةُ الْمُشَاعِ، وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونٌ فَالْخَمْسَةُ الَّتِي هَلَكَتْ نِصْفُهَا أَمَانَةٌ وَنِصْفُهَا مَضْمُونٌ فَيَجِبُ ضَمَانُ نِصْفِهَا وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَالْخَمْسَةُ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا كُلَّهَا صَارَتْ مَضْمُونَةً بِالِاسْتِهْلَاكِ فَيَضْمَنُ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا، وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةٌ مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ لَكَ وَالسَّبْعَةُ الْبَاقِيَةُ سَلِّمْهَا إلَى فُلَانٍ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ الثَّلَاثَةَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ هِبَةً فَاسِدَةً، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَصِيَّةً مِنْ الْمَيِّتِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمُشَاعِ جَائِزَةٌ، وَلَا يَضْمَنُ السَّبْعَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةً، وَقَالَ: خَمْسَةٌ مِنْهَا لَكَ وَخَمْسَةٌ سَلِّمْهَا إلَى فُلَانٍ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ، يَضْمَنُ الْخَمْسَةَ الْهِبَةَ وَلَا يَضْمَنُ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ، وَلَوْ أَعْطَاهَا خَمْسَةً خَمْسَةً عَلَى حِدَةٍ عَلَى أَنَّ لَهُ خَمْسَةً مِنْهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّهُمَا فَخَلَطَهُمَا الْقَابِضُ يَضْمَنُ الْخَمْسَةَ الْهِبَةَ وَلَا يَضْمَنُ كُلَّهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ