يَكُنْ لَهُ صَاحِبٌ فَصَاحِبُ الْخَانِ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ الْحَمَّامَ، وَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ: أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ؟ فَقَالَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ: ثَمَّةَ، فَوَضَعَ فَدَخَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ خَرَجَ رَجُلٌ آخَرُ وَذَهَبَ بِثِيَابِهِ فَصَاحِبُ الْحَمَّامِ ضَامِنٌ، وَإِنْ وَضَعَ الثِّيَابَ بِمَرْأَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَمَّامِ ثِيَابِيٌّ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (جامه دَار) فَالضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثِيَابِيٌّ وَهُوَ حَاضِرٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الثِّيَابِيِّ دُونَ صَاحِبِ الْحَمَّامِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى اسْتِحْفَاظِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ بِأَنْ قَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ: أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ؟ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثِيَابِيٌّ وَهُوَ حَاضِرٌ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ الثِّيَابِيُّ غَائِبًا وَيَضَعُ الثِّيَابَ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ كَانَ اسْتِحْفَاظًا مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ بِالتَّضْيِيعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ الثِّيَابَ وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ حَاضِرٌ فَخَرَجَ آخَرُ مِنْ الْحَمَّامِ وَلَبِسَهَا وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ لَمْ يَدْرِ أَنَّهَا ثِيَابُهُ أَمْ لَا، ثُمَّ خَرَجَ صَاحِبُ الثِّيَابِ، وَقَالَ: هَذِهِ لَيْسَتْ ثِيَابِي، وَقَالَ الْحَمَّامِيُّ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ الْحَمَّامِ وَلَبِسَ الثِّيَابَ فَظَنَنْتُ أَنَّهَا ثِيَابُهُ، ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي غَصْبِ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ ثِيَابَهُ بِمَرْأَى عَيْنِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ ثُمَّ خَرَجَ فَوَجَدَ صَاحِبَ الْحَمَّامِ نَائِمًا وَقَدْ سُرِقَ ثِيَابُهُ، فَإِنْ نَامَ قَاعِدًا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ وَضَعَ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ امْرَأَةٌ خَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ وَدَفَعَتْ الْفِنْجَانَةِ إلَى صَغِيرَةٍ، وَقَالَتْ: ادْفَعِيهَا إلَى بِنْتِي وَهِيَ فِي الْحَمَّامِ، فَلَمَّا جَاءَتْ إلَيْهَا قَالَتْ لَهَا الْبِنْتُ: امْلَئِي مِنْ الْمَاءِ وَاحْمِلِيهَا إلَيَّ فَمَلَأَتْ فَانْكَسَرَتْ، إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِيَالِ الْأُمِّ لَا تَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا إنْ كَانَتْ أَعَارَتْهَا الْأُمُّ فَكَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: صُبِّي عَلَى رَأْسِكِ، وَإِنْ بَعَثَتْ إلَى الْبِنْتِ لِلْحِفْظِ ضَمِنَتْ الْبِنْتُ إذَا غَيَّبَتْهَا عَنْ بَصَرِهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْغَيْرِ) . وَلِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ زَوْجَتَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْوَدِيعَةِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَالَ بَكْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِعِيَالِهِ أَنْ يَضَعَهَا عِنْدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَتَفْسِيرُ " مَنْ فِي عِيَالِهِ " فِي هَذَا الْحُكْمِ أَنْ يُسَاكِنَ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفَقَتِهِ أَوْ لَا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْعِبْرَةُ فِي هَذَا الْبَابِ لِلْمُسَاكَنَةِ إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ وَالِابْنِ الصَّغِيرِ وَالْعَبْدِ، فَالِابْنُ الصَّغِيرُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ قَادِرًا عَلَى الْحِفْظ، وَالزَّوْجُ إذَا كَانَ يَسْكُنُ فِي مَحَلَّةٍ وَالْمَرْأَةُ تَسْكُنُ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا فَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ الصَّغِيرِ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْمُودَعُ إذَا دَفَعَهَا إلَى عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً مُسَاكِنًا مَعَهُ أَوْ إلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ فِي عِيَالِهِ أَوْ أَبِيهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَالِابْنُ الْكَبِيرُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْأَبَوَانِ كَالْأَجْنَبِيِّ حَتَّى يَشْتَرِطَ كَوْنَهُمَا فِي عِيَالِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ شَيْئًا وَلَمْ يَنْهَهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ عَنْ حِفْظِهَا بِمَنْ فِي عِيَالِهِ، أَمَّا إذَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَدَفَعَهَا إلَى بَعْضِ مَنْ نَهَاهُ عَنْهُ فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُودَعُ يَجِدُ بُدًّا مِمَّنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِد بُدًّا مِنْ ذَلِكَ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ، وَهَذَا كَمَا إذَا أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ دَابَّةً وَنَهَاهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى امْرَأَتِهِ وَهُوَ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ فَسَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَيْهَا فَضَاعَتْ عِنْدَهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيَضْمَنُ بِدَفْعِهَا إلَى مَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ كُلَّ شَهْرٍ وَلَا يُسَاكِنُهُ وَيُسَمَّى (أجر خوار) وَالْأَجِيرُ الَّذِي يَعْمَلُ مِنْ الْأَعْمَالِ مُيَاوَمَةً، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْإِمَامُ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُودَعُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى وَكِيلِهِ وَهُوَ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى أَمِينٍ مِنْ أُمَنَائِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فِي مَالِهِ وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ فِي مَالِهِ فَكَذَا فِي