الْخَطَأِ الدِّيَةُ وَمَا بَقِيَ فَلِصَاحِبِ الْعَمْدِ وَلَوْ صَالَحَ أَوْلِيَاؤُهُمَا عَلَى دِيَتَيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُمَا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَبَدَلُ الصُّلْحِ فِي دَمِ الْعَمْدِ جَارٍ مَجْرَى الْمَهْرِ فَكُلُّ جَهَالَةٍ تَحَمَّلَتْ فِي الْمَهْرِ تَتَحَمَّلُ هَهُنَا وَمَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ يَمْنَعُ وُجُوبَهُ فِي الصُّلْحِ وَعِنْدَ فَسَادِ التَّسْمِيَةِ يَسْقُطُ الْقَوَدُ وَيَجِبُ بَدَلُ النَّفْسِ وَهُوَ الدِّيَةُ نَحْوَ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى ثَوْبٍ كَمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي النِّكَاحِ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى خَمْرٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْكَافِي
وَفِي الْخَطَأِ تَجِبُ الدِّيَةُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَلَوْ صَالَحَ عَنْ قَطْعِ الْيَدِ عَمْدًا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَا تَجُوزُ التَّسْمِيَةُ وَلَكِنْ يَصِحُّ الْعَفْوُ وَلَا يَرْجِعُ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ عَلَى الْقَاطِعِ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ خَطَأً وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى حَالِهَا فَلِلْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ أَنْ يَرْجِعَ الْقَاطِعُ بِالدِّيَةِ وَلَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى حُرٍّ فَهَذَا وَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ صَالَحَهُ بِعَفْوٍ عَنْ دَمٍ عَلَى عَفْوٍ عَنْ دَمٍ آخَرَ جَازَ كَالْخُلْعِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
جَرَحَ رَجُلًا عَمْدًا فَصَالَحَهُ مِنْهُ لَا يَخْلُو إمَّا إنْ بَرَأَ أَوْ مَاتَ مِنْهَا فَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ الْجِرَاحَةِ أَوْ مِنْ الضَّرْبَةِ أَوْ مِنْ الشَّجَّةِ أَوْ مِنْ الْقَطْعِ أَوْ مِنْ الْيَدِ أَوْ مِنْ الْجِنَايَةِ لَا غَيْرُ جَازَ الصُّلْحُ إنْ بَرِئَ بِحَيْثُ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ وَإِنْ بَرِئَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ بَطَلَ الصُّلْحُ فَأَمَّا إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الصُّلْحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ خِلَافًا لَهُمَا وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ الْأَشْيَاءِ الْخَمْسَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ إنْ مَاتَ مِنْهَا. وَأَمَّا إذَا بَرِئَ مِنْهَا ذَكَرَ هَهُنَا أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ وَذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَوَكَّلَ إنْسَانًا لِيُصَالِحَ عَنْ الشَّجَّةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا إلَى النَّفْسِ فَإِنْ مَاتَ كَانَ الصُّلْحُ مِنْ النَّفْسِ وَإِنْ بَرِئَ يَجِبُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْمَالِ وَنِصْفُ عُشْرِهِ وَيُسَلِّمُ لِلْمَشْجُوجِ نِصْفُ عُشْرِ الْمَالِ وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: اخْتَلَفَا لِاخْتِلَافِ الْوَضْعِ فَإِنَّ الْوَضْعَ ثَمَنُهُ أَنَّهُ صَالَحَ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَعَمَّا يَحْدُثُ مِنْهَا إلَى النَّفْسِ وَهُوَ مَعْلُومٌ فَأَمْكَنَ قِسْمَةُ الْبَدَلِ عَلَى الْقَائِمِ وَالْحَادِثِ جَمِيعًا، وَهَهُنَا صَالَحَهُ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَكُلُّ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا وَهُوَ مَجْهُولٌ قَدْ يَحْدُثُ وَقَدْ لَا يَحْدُثُ وَإِذَا حَدَثَ لَا يُدْرَى أَيُّ قَدْرٍ يَحْدُثُ فَتَعَذَّرَ قِسْمَةُ الْبَدَلِ عَلَى الْقَائِمِ وَالْحَادِثِ فَصَارَ الْبَدَلُ كُلُّهُ بِإِزَاءِ الْقَائِمِ وَأَمَّا إذَا صَالَحَهُ عَنْ الْجِنَايَةِ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا إلَّا إذَا بَرَأَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَصَالَحَ الْمَجْرُوحُ الْجَارِحَ عَلَى بَدَلٍ يَسِيرٍ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ وَقْتَ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ. وَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ خَطَأً فَصَالَحَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَقْتَ الصُّلْحِ مَرَضَ الْمَوْتِ وَحَطَّ عَنْ الْبَدَلِ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ تَصِحُّ لِلْعَاقِلَةِ لَا لِلْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ تَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ أَوَّلًا وَالْعَاقِلَةُ تَتَحَمَّلُ عَنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا صَالَحَ الْمَرِيضُ مِنْ دَمِ عَمْدٍ لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ ثُمَّ أَخَّرَهَا بَعْدَ الصُّلْحِ سَنَةً جَازَ التَّأْخِيرُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا قَطَعَ الرَّجُلُ إصْبَعَ رَجُلٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى مَالٍ ثُمَّ شَلَّتْ أُخْرَى بِجَنْبِهَا فَعَلَى الْقَاطِعِ أَرْشُهَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ قُتِلَ عَمْدًا وَلَهُ ابْنَانِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَائِزٌ وَلَا شَرِكَةَ لِأَخِيهِ فِيهَا وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى مَالٍ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَالِحُ أَنْ يُعْطِيَهُ رُبْعَ الْأَرْشِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا صَالَحَهُ عَلَى وَصِيفٍ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَوَجَدَ الْعَبْدَ حُرًّا كَانَ عَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ، وَلَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَبَيْنَ وَلِيِّ الْقَتِيلِ فَقَالَ الْقَاتِلُ: صَالَحْتُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَقَالَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ: لَا بَلْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، فَإِنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ مَعَ يَمِينِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
صَالَحَ عَنْ دَمٍ عَلَى عَبْدَيْنِ فَظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ فَالْعَبْدُ كُلُّ الْحَقِّ