فَهُوَ عَلَى دَعْوَاهُ وَالصُّلْحُ بَاطِلٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمَطْلُوبُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ أَوْ قَالَ فَالْمَالُ عَلَيْهِ أَوْ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَالًا أَوْ مَا سِوَاهُ فَأَنْكَرَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَطَلَبَ يَمِينَهُ فَأَوْجَبَ الْقَاضِي ذَلِكَ عَلَيْهِ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَهُوَ بِذَلِكَ بَرِيءٌ مِنْ الْيَمِينِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ صَالَحْتُك مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي وَجَبَتْ لَك عَلَيَّ أَوْ قَالَ افْتَدَيْتُ مِنْك يَمِينَك بِكَذَا فَرَضِيَ الْآخَرُ بِذَلِكَ جَازَ الصُّلْحُ وَلَوْ اشْتَرَى يَمِينَهُ بِكَذَا أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ الْمُدَّعِي لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ أَوْ الْمَطْلُوبُ وَنِصْفُ الْمَالِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ الْيَوْمَ أَوْ الْمَطْلُوبُ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ الْيَوْمَ فَالْمَالُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ الْيَوْمَ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ حَقٌّ فَالصُّلْحُ فِي الْكُلِّ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الشَّرْعِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
إذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بِحَجٍّ أَوْ بِأَيْمَانٍ مُؤَكَّدَةٍ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَالْمَالُ عَلَيَّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ بِذَلِكَ شَيْءٌ وَلَا يَلْزَمُ الطَّالِبَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ إلَّا أَنْ تَقُومَ لِلْمَطْلُوبِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْفَاهُ هَذَا الْمَالَ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ فَحِينَئِذٍ يُعْتَقُ عَبْدُهُ وَتَطْلُقُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حِنْثُ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَكَذَلِكَ إنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمَطْلُوبُ بِهَا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى إذَا حَلَفَ فَحَلَفَ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ وَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْحَقِّ فِي الْيَمِينِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لِأَنَّ حِنْثَ الْمَطْلُوبِ ثَبَتَ بِالشَّهَادَةِ الْعَادِلَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الدِّمَاءِ وَالْجِرَاحَاتِ) يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ جِنَايَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا إلَّا أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ فِي الْعَمْدِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ جَازَ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ
وَيَكُونُ الْمَالُ حَالًّا عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَفِي الْخَطَأِ لَوْ صَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَهَذَا إذَا صَالَحَ عَلَى أَحَدِ مَقَادِيرِ الدِّيَةِ أَمَّا إذَا صَالَحَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ جَازَتْ الزِّيَادَةُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَيْ لَا يَكُونَ افْتِرَاقًا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ إذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ بِمِائَةِ بَعِيرٍ فَصَالَحَ الْقَاتِلُ الْوَالِيَ مِنْ مِائَةِ بَعِيرٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ بَقَرَةٍ وَهِيَ عِنْدَهُ وَدَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ جَازَ وَإِنْ صَالَحَ بِشَيْءٍ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ عَارَضَ دَيْنًا بِدَيْنٍ. وَإِنْ صَالَحَ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى مِثْلِ الْإِبِلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَبِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ فَصَالَحَ الْقَاتِلُ عَلَى طَعَامٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ مِمَّا لَيْسَ عِنْدَهُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي السَّلَمِ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي إبِلًا أَوْ بَقَرًا فَصَالَحَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الطَّعَامَ أَوْ الشَّعِيرَ حَتَّى يُفَارِقَهُ لَمْ يَجُزْ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ صَالَحَ غَيْرُ الْجَانِي عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ وَضَمِنَ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ قَضَى عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ فَصَالَحَ عَلَى أَلْفَيْ دِينَارٍ وَقَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَلَوْ صَالَحَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِشَيْءٍ عَلَى مِائَتَيْ إبِلٍ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا فَالْوَاجِبُ مِائَةٌ مِنْهَا وَالْخِيَارُ إلَى الطَّالِبِ فَإِنْ كَانَ فِي الْإِبِلِ نُقْصَانٌ مِنْ الْأَسْنَانِ الْوَاجِبَةِ كَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَرُدَّ الصُّلْحَ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا وَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً ثُمَّ صَالَحَ أَوْلِيَاؤُهُمَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ دِيَتَيْنِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَلِصَاحِبِ