وَالْمَسْجِدُ الْجَامِعُ أَوْلَى، ثُمَّ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَاتُ، وَإِنْ لَمْ تُصَلَّ فِيهِ الْجُمُعَةُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ قَالَ الشَّيْخُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا كَانَ الْجَامِعُ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي طَرَفٍ مِنْ الْبَلْدَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ مَسْجِدًا آخَرَ فِي وَسَطِ الْبَلْدَةِ كَيْ لَا يَلْحَقَ لِبَعْضِ الْخُصُومِ مَشَقَّةُ الذَّهَابِ إلَى طَرَفِ الْبَلْدَةِ، وَإِنْ جَلَسَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِمْ، قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: هَذَا إذَا كَانَ مَسْجِدُ حَيِّهِ فِي وَسَطِ الْبَلْدَةِ وَيَخْتَارُ مَسْجِدَ السُّوقِ؛ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِذَا دَخَلَ الْقَاضِي الْمَسْجِدَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْدَأَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا - وَالْأَرْبَعُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ النَّهَارِ - ثُمَّ يَدْعُوَ اللَّهَ - تَعَالَى - أَنْ يُوَفِّقَهُ وَيُسَدِّدَهُ لِلْحَقِّ وَيَعْصِمَهُ مِنْ مَعَاصِيهِ، ثُمَّ يَجْلِسَ لِلْحُكْمِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُجْلِسَ مَعَهُ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ، وَالْكَرَامَةِ أَجْلَسَهُمْ قَرِيبًا مِنْهُ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْأَمَانَةِ يَكُونُونَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْلِسَ وَحْدَهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْقَضَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقْعِدَ مَعَهُ أَهْلَ الْعِلْمِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُشَاوِرُهُمْ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَلَا يُشَاوِرُهُمْ عِنْدَ الْخُصُومَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَيَضَعُ الْقِمَطْرَ إلَى جَانِبِهِ عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ السِّجِلَّاتِ، وَالْمُحَاضِرَ، وَالصُّكُوكَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُعَدًّا بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُجْلِسُ كَاتِبَهُ فِي نَاحِيَةٍ عَنْهُ حَيْثُ يَرَاهُ حَتَّى لَا يُخْدَعَ بِالرِّشْوَةِ فَيَزِيدَ فِي أَلْفَاظِ الشَّهَادَةِ أَوْ يَنْقُصَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ جَلَسَ فِي دَارِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَيَأْذَنُ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَيَجْلِسُ مَعَهُ مَنْ كَانَ يَجْلِسُ قَبْلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ فِي وَسَطِ الْبَلْدَةِ كَالْمَسْجِدِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْضِيَ فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ حَيْثُ أَحَبَّ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْقَضَاءِ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا لَوْ كَانَ فِي وَسَطِ الْبَلْدَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ فَإِذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي دَارِهِ يَأْخُذُ بَوَّابًا لِيَمْنَعَ الْخُصُومَ مِنْ الِازْدِحَامِ وَلَا يُبَاحُ لِلْبَوَّابِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا لِيَأْذَنَ بِالدُّخُولِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ إذَا قَضَى فِي الْمَسْجِدِ خَرَجَ لِلْحَائِضِ، وَالدَّابَّةِ وَلَا يَضْرِبُ فِي الْمَسْجِدِ حَدًّا وَلَا تَعْزِيرًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْعُدَ عَلَى الطَّرِيقِ إذَا كَانَ لَا يَضِيقُ بِالْمَارَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا دَخَلَ الْقَاضِي الْمَسْجِدَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْخُصُومِ يُرِيدُ بِهِ تَسْلِيمًا عَامًّا، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ تَرَكَ وَسِعَهُ لِتَبْقَى الْهَيْبَةُ وَيَكْثُرَ الْحِشْمَةُ وَلِهَذَا جَرَى الرَّسْمُ أَنَّ الْوُلَاةَ، وَالْأُمَرَاءَ إذَا دَخَلُوا لَا يُسَلِّمُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ وَلَا يَسَعَهُ التَّرْكُ وَهَكَذَا، الْوَالِي، وَالْأَمِيرُ إذَا دَخَلَا عَلَيْهِمَا أَنْ يُسَلِّمَا وَلَا يَسَعَهُمَا التَّرْكُ هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي وَقْتِ الدُّخُولِ فَأَمَّا إذَا جَلَسَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْفَصْلِ، وَالْحُكْمِ لَا يُسَلِّمُ عَلَى الْخُصُومِ وَلَا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: مِنْ هَذَا جَرَى الرَّسْمُ أَنَّ النَّاسَ مَتَى دَخَلُوا عَلَى الْوُلَاةِ، وَالْأُمَرَاءِ لَا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى جَلَسَ لِلْحُكْمِ لَا يُسَلِّمُ