دَابَّةً بِمِائَةٍ وَقَبَضَهَا فَأَحَالَ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى رَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ وَجَدَ عَيْبًا بِالدَّابَّةِ فَرَدَّهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالْمِائَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنْ الْبَائِعُ يُحِيلُهُ بِهَا عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ شَاهِدًا كَانَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ، أَوْ غَائِبًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الْمِائَةَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ رَدَّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ الْمَالُ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَأَبْطَلَهُ الْقَاضِي وَرَدَّ الدَّابَّةَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِمَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا أَخَذَ الْخَطَّ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بَعْدَمَا قَبِلَ الْحَوَالَةَ، ثُمَّ قَالَ لِلْمُحِيلِ: إنَّهُ مُفْلِسٌ فَقَالَ لَهُ الْمُحِيلُ: ابْعَثْ إلَيَّ الْخَطَّ الَّذِي أَخَذْته مِنْهُ وَاتْرُكْ الْحَوَالَةَ، فَبَعَثَ بِالْخَطِّ وَلَمْ يَقْبَلْ بِلِسَانِهِ شَيْئًا انْفَسَخَتْ الْحَوَالَةُ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: ابْعَثْ الْخَطَّ لَكِنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ بِالتَّغَلُّبِ لَوْ أَدَّى الْمُحِيلُ بِاخْتِيَارِهِ يَرْجِعُ الْمُحِيلُ بِمَالِهِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَمْلِكْ حَبْسَ الْمَبِيعِ، وَكَذَا لَوْ أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لَا يَحْبِسُ الرَّهْنَ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
الْمُشْتَرِي إذَا أَعْطَى بِالثَّمَنِ كَفِيلًا، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ أَحَالَ الْبَائِعُ بِالْمَالِ عَلَى إنْسَانٍ فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْمَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي دُونَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي) وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ بَابًا (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ مَعْنَى الْأَدَبِ وَالْقَضَاءِ وَأَقْسَامِهِ وَشَرَائِطِهِ وَمَعْرِفَةِ مَنْ يَجُوزُ التَّقَلُّدُ مِنْهُ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ)
الْأَدَبُ هُوَ التَّخَلُّقُ بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ وَالْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ فِي مُعَاشَرَةِ النَّاسِ وَمُعَامَلَتِهِمْ وَأَدَبُ الْقَاضِي الْتِزَامُهُ لِمَا نَدَبَ إلَيْهِ الشَّرْعُ مِنْ بَسْطِ الْعَدْلِ وَدَفْعِ الظُّلْمِ وَتَرْكِ الْمَيْلِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى حُدُودِ الشَّرْعِ، وَالْجَرْيِ عَلَى سُنَنِ السُّنَّةِ.
وَالْقَضَاءُ لُغَةً بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ وَبِمَعْنَى الْإِخْبَارِ وَبِمَعْنَى الْفَرَاغِ وَبِمَعْنَى التَّقْدِيرِ وَفِي الشَّرْعِ قَوْلٌ مُلْزِمٌ يَصْدُرُ عَنْ وِلَايَةٍ عَامَّةٍ
كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَالْأَصْلُ أَنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ قَدْ بَاشَرَهُ الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ، وَمَضَى عَلَيْهِ الصَّالِحُونَ وَلَكِنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي.
، وَالْقَضَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ.
وَاجِبٍ، وَهُوَ أَنْ يَتَعَيَّنَ لَهُ وَلَا يُوجَدَ مَنْ يَصْلُحُ غَيْرُهُ.
وَمُسْتَحَبٍّ، وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَصْلُحُ لَكِنَّهُ هُوَ أَصْلَحُ وَأَقْوَمُ بِهِ.
وَمُخَيَّرٍ فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَوِيَ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاحِيَّةِ، وَالْقِيَامِ بِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَبِلَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَا.
وَمَكْرُوهٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ لَكِنَّ غَيْرَهُ أَصْلَحُ.
وَحَرَامٍ، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ الْعَجْزَ عَنْهُ وَعَدَمَ الْإِنْصَافِ فِيهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ بَاطِنِهِ مِنْ اتِّبَاعِ الْهَوَى مَا لَا يَعْرِفُونَهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ