الْمَطْلُوبِ فِي صِحَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَيَكُونُ خِطَابُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ قَبُولُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ مِنْ الْمَطْلُوبِ فِي مَرَضِهِ إنْ خَاطَبَ وَارِثَهُ بِذَلِكَ بِأَنْ تَكَفَّلَ عَنْهُ بِالْمَالِ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْكَفَالَةُ عِنْدَهُمَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَصِحُّ حَتَّى إذَا مَاتَ أَخَذَتْ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ غَائِبًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ مَاتَ لَا عَنْ تَرِكَةٍ لَا تُؤَاخَذُ الْوَرَثَةُ بِأَدَائِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ فَضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِدُونِ الْتِزَامٍ فَكَانَ الْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ قَصَدَ بِهِ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ، وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا قَضَى الدَّيْنَ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ فِي تَرِكَتِهِ فَيَصِحُّ هَذَا مِنْ الْمَرِيضِ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ قَائِمًا مَقَامَ الطَّالِبِ لِضِيقِ الْحَالِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ عَلَى شَرَفِ الْهَلَاكِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُوجَدُ مِنْ الصَّحِيحِ فَيُؤْخَذُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَالتَّبْيِينِ، وَالنِّهَايَةِ، وَالْعَيْنِيِّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ لِلْمَرِيضِ ضَمِنَّا لِلنَّاسِ كُلَّ دَيْنٍ لَهُمْ عَلَيْك وَلَمْ يَطْلُبْ الْمَرِيضُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَالْغُرَمَاءُ غُيَّبٌ لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ قَالُوا ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
. وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَأَقْسَامٌ أَرْبَعَةٌ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا يَرْجِعُ إلَى الْكَفِيلِ فَمِنْهُ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَإِنَّهُمَا مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ فَلَا تَنْعَقِدُ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ إلَّا إذَا اسْتَدَانَ الْوَلِيُّ دَيْنًا فِي نَفَقَةِ الْيَتِيمِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ عَنْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلَوْ أَمَرَهُ بِكَفَالَةِ نَفْسِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا كَفَلَ الصَّبِيُّ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ ثُمَّ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ لَا يُؤْخَذُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِكَفَالَةٍ بَاطِلَةٍ فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَبَيْنَ الطَّالِبِ فَقَالَ الطَّالِبُ: كَفَلْتَ وَأَنْتَ رَجُلٌ، وَقَالَ الصَّبِيُّ كَفَلْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيَّ أَوْ مُبَرْسَمٌ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ ذَلِكَ وَقَالَ كَفَلْتَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْهُودًا مِنْ الْمُقِرِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْهُودًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمِنْهُ الْحُرِّيَّةُ وَهِيَ شَرْطُ نَفَاذِ هَذَا التَّصَرُّفِ فَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ أَوْ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَكِنَّهَا تَنْعَقِدُ حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهِ بَعْدَ الْعَتَاقِ، وَأَمَّا صِحَّةُ بَدَلِ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ فَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَرِيضِ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ
. الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَرْجِعُ إلَى الْأَصِيلِ فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إمَّا بِنَفْسِهِ وَإِمَّا بِنَائِبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَصِحُّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الزَّادِ وَلَوْ تَرَكَ مَالًا جَازَ بِمِقْدَارِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُضَافَةً حَتَّى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ كَفَلْتُ لَك بِمَا بَايَعْت أَحَدًا مِنْ