وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَوْ بَاعَ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمِ وَفِي أَحَدِهِمَا فَضْلٌ مِنْ حَيْثُ الْوَزْنُ وَفِي الْآخَرِ فُلُوسًا جَازَ وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْتَادُونَ التَّعَامُلَ بِمِثْلِ هَذَا وَيَسْتَعْمِلُونَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِأَنْ يَجْعَلَ الْفَضْلَ بِإِزَاءِ الْفُلُوسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْطَقَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ فِيهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا وَتَقَابَضَا وَقَدْ شَرَطَ لَهُ أَنَّ حِلْيَتَهَا فِضَّةٌ بَيْضَاءُ فَكُسِرَتْ الْحِلْيَةُ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الْحِلْيَةِ رَصَاصًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْحِلْيَةَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مِنْ الذَّهَبِ وَضَمِنَ قِيمَةَ الرَّصَاصِ وَرَدَّ السَّيْرَ، وَإِنْ كَانَ نَقْصُ السَّيْرِ رَدَّ مَا نَقَصَ السَّيْرَ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ فِيهَا رَصَاصًا وَلَكِنْ وَجَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا سِتِّينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إذَا كَانَا قَدْ تَفَرَّقَا، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي زَادَ الْعَشَرَةَ وَجَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَنَانِيرَ فَتَفَرَّقَا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَأَنَّهُ بَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْمُجَرَّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَيْرَفِيٌّ بَاعَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَيْسَ عِنْدَ الصَّيْرَفِيِّ دَرَاهِمُ أَجْبَرْنَا الصَّيْرَفِيَّ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَوْ يَسْتَقْرِضَ لَهُ أَلْفَيْنِ حَيْثُ شَاءَ حَتَّى يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْآخَرِ الدَّنَانِيرُ أَجْبَرْنَاهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَى الصَّيْرَفِيِّ مِائَةَ دِينَارٍ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَأَمَّا إذَا تَفَرَّقَا بَطَلَ الصَّرْفُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ صَيْرَفِيٍّ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً بِتِسْعِمِائَةِ وَضَحَ وَمِائَةِ فَلْسٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَلْفُ الْغَلَّةُ مِنْ يَدَيْ الصَّيْرَفِيِّ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا رَجَعَ الصَّيْرَفِيُّ عَلَى الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْغَلَّةَ بِالتِّسْعِمِائَةِ الْوَضَحِ الَّذِي أَعْطَاهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غَلَّةٍ ثَمَنِ الْمِائَةِ الْفَلْسِ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ الْغَلَّةُ رَجَعَ الصَّيْرَفِيُّ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ غَلَّةٍ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى افْتَرَقَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْمِائَةُ الْفَلْسِ رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِمِائَةِ فَلْسٍ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْفُلُوسُ وَلَكِنْ اُسْتُحِقَّتْ التِّسْعُمِائَةِ الْوَضَحِ بَعْدَ مَا افْتَرَقَا رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِتِسْعِمِائَةٍ غَلَّةٍ ثَمَنِ الْوَضَحِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ التِّسْعُمِائَةِ الْوَضَحِ، وَالْمِائَةُ الْفَلْسِ بَعْدَمَا افْتَرَقَا رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِتِسْعِمِائَةٍ غَلَّةٍ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ فَلْسٍ بَدَلَ الَّذِي اسْتَحَقَّ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا فِي يَدِ الرَّجُلِ مِنْ الْوَضَحِ وَالْفُلُوسِ وَاسْتَحَقَّ مَا فِي يَدِ الصَّيْرَفِيِّ مِنْ الْغَلَّةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا افْتَرَقَا فَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فِي جَمِيعِ الدَّرَاهِمِ، وَالْفُلُوسِ، وَإِنْ كَانَا لَمْ يَفْتَرِقَا يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمِثْلِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ، وَالْبَيْعُ تَامٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِبَيْعِ خَاتَمٍ فِيهِ فَصٌّ بِخَاتَمَيْنِ فِيهِمَا فَصَّانِ وَكَذَلِكَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى بِسَيْفَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَضَحَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مُكَحَّلَةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَنْقُصُ وَمَا فِيهَا مِنْ الْكُحْلِ لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ فَيَكُونُ بِمَا زَادَ مِنْ وَزْنِ الْبِيضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.