حُدُودَ اللَّهِ؛ لِأَنَّ كَرَاهِيَتَهَا لَهُ تَمْنَعُ هَذَا الظَّنَّ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَوْفِي مَنَافِعَ الزَّوْجِ بِالنِّكَاحِ كَمَا يَسْتَوْفِي الرَّجُلُ مَنَافِعَهَا، وَإِذَا كَانَتْ إنَّمَا تَزَوَّجَتْ لِتُفَارِقَهُ وَتَعُودَ إلَى الْأَوَّلِ لَا لِتُقِيمَ مَعَهُ لَمْ تَكُنْ قَاصِدَةً لِلنِّكَاحِ وَلَا مُرِيدَةً لَهُ، فَلَا يَصْلُحُ هَذَا النِّكَاحُ عَلَى قَاعِدَةِ إبْطَالِ الْحِيَلِ، وَأَمَّا نِيَّةُ الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا فَيُشْبِهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ التَّابِعُونَ إنَّمَا قَالُوا إنَّهُ يَكُونُ النِّكَاحُ بِهَا تَحْلِيلًا، إذَا كَانَ هُوَ الَّذِي يَسْعَى فِي النِّكَاحِ، فَأَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ تَخْتَلِعَ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ زَوْجِهَا، فَإِنَّ هَذَا حَرَامٌ لِمَا أَنَّهُ خَدَعَ رَجُلًا مُسْلِمًا، وَهُوَ قَدْ سَعَى فِي عَقْدٍ يُرِيدُ إفْسَادَهُ عَلَى صَاحِبِهِ، أَوْ يُشْبِهُ مَا لَوْ كَانَ قَدْ زَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ، يُرِيدُ أَنْ يُمَلِّكَهَا إيَّاهُ، وَهِيَ لَمْ تَشْعُرْ بِذَلِكَ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ، بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ أَنْ تَعُودَ إلَى الْأَوَّلِ بِمِثْلِ هَذَا النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ تَعْجِيلَ مَا أَجَّلَهُ اللَّهُ فَيُعَاقَبُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَقَدْ يُشْبِهُ هَذَا مَا لَوْ تَسَبَّبَ رَجُلٌ فِي الْفُرْقَةِ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ لِيُطَلِّقَهَا، إمَّا بِأَنْ يُخَبِّبَهَا عَلَيْهِ حَتَّى تَبْغُضَهُ وَتَخْتَلِعَ مِنْهُ، أَوْ يَشِينَهَا عِنْدَهُ بِبُهْتَانٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا، أَوْ أَنْ يَقْتُلَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

فَيُقَالُ: إنَّ الْفُرْقَةَ وَاقِعَةٌ وَلَا تَحِلُّ لِذَلِكَ الْمُفَرِّقِ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، أَوْ فَعَلَ الْوَارِثُ بِامْرَأَةٍ مَوْرُوثَةٍ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهُ، وَلَيْسَ لَهُ زَوْجَةٌ غَيْرُهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ الْمِيرَاثِ، وَلَا يُبِيحُ لِلْوَرَثَةِ أَخْذَهُ، وَهَذَا كَمَا يَقُولُهُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اسْتَامَ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ أَوْ ابْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ أَوْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ أَنَّ عَقْدَهُ بَاطِلٌ، فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ يُبْطِلُ عَقْدَ مَنْ زَاحَمَ غَيْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ فَلَأَنْ يَبْطُلَ عَقْدُ مَنْ تَسَبَّبَ فِي فَسْخِ عَقْدِ الْأَوَّلِ أَوْلَى.

وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ الْمُطَلِّقُ ثَلَاثًا، مَتَى نَوَى التَّحْلِيلَ، أَوْ سَعَى فِيهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ، وَهَذَا قَالُوا إذَا كَانَتْ نِيَّةُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ، فَنِكَاحُ هَذَا الْأَخِيرِ بَاطِلٌ، وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ، وَهَذَا إنَّمَا يُقَالُ فِيمَنْ لَهُ فِعْلٌ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُطَلِّقِ الْأَوَّلِ فِعْلٌ أَصْلًا وَقَدْ تَنَاكَحَ الزَّوْجَانِ نِكَاحَ رَغْبَةٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْأَوَّلُ يَجِبُ أَنْ يُطَلِّقَهَا هَذَا فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَهَذَا أَقْصَى مَا يُقَالُ إنَّهُ مُتَمَنٍّ مُحِبٌّ وَلَيْسَ بِنَاوٍ فَإِنَّ نِيَّةَ الْمَرْءِ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ. وَمَا تَعَلَّقَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَهُوَ أُمْنِيَّةٌ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُطَلِّقَ الْأَوَّلَ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ وَالتَّعْرِيضُ بِخِطْبَتِهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ. وَذَلِكَ بَعْدَ عِدَّتِهَا مِنْهُ أَشَدُّ وَأَشَدُّ فَيَكُونُونَ قَدْ حَرَّمُوهَا عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ خَطَبَهَا أَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015