الْمُفْرَدَةِ وَالْمُقْتَرِنَةِ مِنْ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالْوَقْفِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ. فَكَيْفَ يُقَالُ بَعْدَ هَذَا إنَّ النِّيَّةَ الْبَاطِنَةَ لَا أَثَرَ لَهَا فِي مُقْتَضَيَاتِ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ، وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، لَكَانَ هَذَا اللَّفْظُ صَرِيحًا فِي نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ، فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ نَوَيْت النَّقْدَ الْفُلَانِيَّ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ دُونَهُ قُبِلَ مِنْهُ إنْ صَدَّقَ الْآخَرُ عَلَيْهِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا السُّؤَالُ دَلِيلٌ قَوِيٌّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ نَوَى بِاللَّفْظِ مَعْنًى مُحْتَمَلًا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ مَا نَوَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، كَمَا لَوْ نَوَى ذَلِكَ بِسَائِرِ أَلْفَاظِ الْعُقُودِ، أَوْ يَقُولُ كَمَا لَوْ نَوَى ذَلِكَ بِأَلْفَاظِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، وَبِهَذِهِ الْأُصُولِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ أَيْضًا بَيْنَ طَلَاقِ الْهَازِلِ وَالطَّلَاقِ الَّذِي نَوَى بِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ، فَإِنَّهُ إذَا هَزَلَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ وَنَحْوِهِمَا وَقَعَ، وَلَوْ نَوَى بِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا تَرَدُّدٍ وَقُبِلَ فِي الْحُكْمِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ عَلَيْهِ بِلَا تَرَدُّدٍ أَيْضًا، فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ إذَا هَزَلَ بِهِ وَقَعَ، وَإِذَا نَوَى بِالْعَقْدِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ عَمِلَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا تَرَدُّدٍ وَقُبِلَ فِي الْحُكْمِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ عَلَيْهِ بِلَا تَرَدُّدٍ أَيْضًا، فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ إذَا هَزَلَ بِهِ وَقَعَ، وَإِذَا نَوَى بِالْعَقْدِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ عَمِلَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا نَوَى وَقُبِلَ مَا نَوَاهُ فِي الْحُكْمِ فِي جِهَتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِفَسَادِ النِّكَاحِ مَقْبُولٌ مِنْهُ فِيمَا يَخُصُّهُ، وَمِنْ النُّقُوضِ الْمُوَجَّهَةِ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ النِّيَّةُ الْبَاطِنَةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي مُقْتَضَيَاتِ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ، أَنَّ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ مُقْتَضَاهَا سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، ثُمَّ إذَا نَوَى مَا يُخَالِفُهَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي إبْطَالِ مُقْتَضَاهَا، فِي الْبَاطِنِ وَمِنْ ذَلِكَ عُقُودُ الْهَازِلِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهَا أَوْ عَامَّتَهَا عِنْدَ الْمُخَالِفِ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ قَصْدِهَا، فَقَدْ أَثَّرَتْ النِّيَّةُ الْبَاطِنَةُ فِي مُقْتَضَيَاتِ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ.
وَلَنَا أَنْ نَنْقُضَ عَلَيْهِ بِصُوَرٍ وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْتَقِدُهَا فَإِنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ أَنَّك إذَا لَمْ تَعْتَقِدْ صِحَّةَ دَلِيلِك فَكَيْفَ تُلْزِمُهُ غَيْرَك إذَا كَانَ هُوَ أَيْضًا لَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ، وَلِهَذَا قَالُوا لَيْسَ لِلْمُنَاظِرِ أَنْ يُلْزِمَ صَاحِبَهُ مَا لَا يَعْتَقِدُهُ هُوَ إلَّا النَّقْضَ؛ لِأَنَّ مَا سِوَى النَّقْضِ اسْتِدْلَالٌ، وَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ، وَالنَّقْضُ لَيْسَ اسْتِدْلَالًا، لَكِنْ إذَا انْقَضَتْ الْعِلَّةُ عَلَى أَصْلِ الْمُسْتَدِلِّ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى فَسَادِهَا، أَمَّا الْمُسْتَدِلُّ فَبِصُورَةِ النَّقْضِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَمَحَلُّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ، فَالْمُسْتَدِلُّ يَقُولُ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهَا فِي صُورَةِ النَّقْضِ، وَالْآخَرُ يَقُولُ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ