نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْوُضُوءُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مَعَهُ بُصَاقٌ أَوْ مُخَاطٌ. وَالْأَفْضَلُ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ، الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ يَجْمَعُهَا بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَتَجِبُ النِّيَّةُ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ لَا الْخَبَثِ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يَجِبُ نُطْقُهُ بِهَا سِرًّا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَشَذَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَأَوْجَبَ النُّطْقَ بِهَا وَهُوَ خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فِي اسْتِحْبَابِ النُّطْقِ بِهَا، وَالْأَقْوَى عَدَمُهُ، وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الْجَهْرُ بِهَا وَلَا تَكْرَارُهَا، وَيَنْبَغِي تَأْدِيبُ مَنْ اعْتَادَهُ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْعِبَادَاتِ لَا يُسْتَحَبُّ النُّطْقُ بِهَا لِإِحْرَامٍ وَغَيْرِهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُد لِأَحْمَدَ: يَقُولُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ شَيْئًا. وَالْجَهْرُ بِلَفْظِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَفَاعِلُهُ مُسِيءٌ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ دَيْنًا خَرَجَ عَنْ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجِبُ نَهْيُهُ، وَيُعْزَلُ عَنْ الْإِمَامَةِ إنْ لَمْ يَتُبْ، وَيَجُوزُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ لِلْعُذْرِ. قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ " وَيَمْسَحُ مَعَهُ الْعِمَامَةَ، وَيَكُونُ كَالْجَبِيرَةِ فَلَا تَوْقِيتَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَجَبَ مَسْحُ جَمِيعِهِ.
وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ الصَّحِيحُ عَنْهُ، وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ مَسْحِ شَعْرِهِ أَوْ بَعْضِ رَأْسِهِ، بَلْ شَعْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا، وَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُ مَسْحِ جَمِيعِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يَمْسَحُ الْعُنُقَ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا أَخْذُهُ مَاءً جَدِيدًا لِلْأُذُنَيْنِ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَغَيْرِهِ، وَإِنْ مَنَعَ يَسِيرُ وَسَخِ ظُفْرٍ وَنَحْوِهِ وُصُولَ الْمَاءِ صَحَّتْ الطَّهَارَةُ، وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِنَا، وَمِثْلُهُ كُلُّ يَسِيرٍ مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ حَيْثُ كَانَ: كَدَمٍ، وَعَجِينٍ، وَلَا يُسْتَحَبُّ إطَالَةُ الْغُرَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَالْوُضُوءُ إنْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْبَعْضِ لِوُضُوءِ ابْنِ عُمَرَ لِنَوْمِهِ جُنُبًا.
ِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَخَفِيَ أَصْلُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ حَتَّى أَنْكَرَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلِ الْبَيْتِ، وَصَنَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ كِتَابًا كَبِيرًا فِي " الْأَشْرِبَةِ " فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا عَنْ الصَّحَابَةِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: هَذَا صَحَّ فِيهِ الْخِلَافُ عَنْ الصَّحَابَةِ، بِخِلَافِ الْمُسْكِرِ، وَمَالِكٌ مَعَ سَعَةِ عِلْمِهِ