أَنَّهُ لَا يُرْتَضَى الْقِيَاسُ عَلَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنَّمَا يُلْحَظُ اسْتِحْقَاقُ الْحَاجِّ لِلْمُعَيَّنِ كُلِّهِ حَيْثُ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ مَا ذَكَرَهُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ فَعَلَيْهِ إنْ كَانَتْ الْخَمْسُونَ الْمَذْكُورَةُ فِي السُّؤَالِ أُجْرَةَ مِثْلِ الْحَجِّ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمِيقَاتِ فَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَالْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ دَخَلَ الْقَرِيبُ الْوَارِثُ، وَتَبْطُلُ فِي قِسْطِهِ هَلْ تَبْطُلُ فِي قِسْطِ الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ أَوْ كُلِّ وَارِثٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ، وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ بِالْبُطْلَانِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إجَازَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ فَيُعَارَضُ بِالْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، وَأَنَّهَا تَصِحُّ بِالْإِجَازَةِ فَلَزِمَ إجَازَتُهُ لِنَفْسِهِ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: مَا أَشَارَ إلَيْهِ السَّائِلُ نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ مِنْ الْإِشْكَالِ أَبْدَيْتُ قَرِيبًا مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ حَتَّى وَارِثُهُ عَلَى الْمُرَجَّحِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُهِمَّاتِ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ تَبْطُلُ فِي نَصِيبِهِمْ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِمْ لِنَفْسِهِمْ، وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِهِمْ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ الْوَارِثُ عَلَى هَذَا لَمْ يَبْطُلْ جَمِيعُ نَصِيبِهِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً، وَحِينَئِذٍ يَنْتُجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ الْإِجَازَةَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَدْخُلَ، وَيُعْطَى نَصِيبَهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَهْلِهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِمَا هُنَا فِي تِلْكَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَوْ يَدْخُلُ، وَيَبْطُلُ نَصِيبُهُ وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ الْوَارِثُ بِقَرِينَةِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَى لَهُ عَادَةً وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْحَاوِي، وَالْمُصَنِّفُ فِي رَوْضِهِ قَبْلُ، وَأَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ وَلَك أَنْ تَمْنَعَ تِلْكَ الْمُعَارَضَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا السَّائِلُ، وَتُفَرِّقَ بَيْنَ مَا هُنَا، وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بِأَنَّ الْمُوصِيَ هُنَا عَلَّقَهَا بِاسْمِ قَرِيبِهِ الشَّامِلِ لِوَرَثَتِهِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَنُصَّ الْمُوصِي عَلَى خُصُوصِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ اخْتَلَفَ نَظَرُ الْأَئِمَّةِ حِينَئِذٍ فِي أَنَّ ذَلِكَ الشُّمُولَ مَنْظُورٌ إلَيْهِ أَوْ لَا؟
فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ مَنْظُورٌ إلَيْهِ وَهُمْ الْقَوْمُ الْمُصَحِّحُونَ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَقُلْهُ إلَّا مِنْ حَيْثُ النَّظَرِ إلَى عُمُومِ الْقَرَابَةِ فَقَالَ بِدُخُولِهِ ثُمَّ لَمَّا حَقَّقَ النَّظَرَ قَالَ بِعَدَمِ إعْطَائِهِ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِنَفْسِهِ أَيْ: فِي هَذَا الْغَرَضِ بِخُصُوصِهِ مِنْ حَيْثُ النَّظَرِ إلَى مُرَادِ الْمُوصِي الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ وَهُوَ بِرُّهُ لِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي إرْثِهِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ مُرَادُهُ، فَيَتَعَذَّرُ إعْطَاءُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ لَتَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ أَجَازَ لِنَفْسِهِ لَأَخَذَ مِنْ حَيْثُ إجَازَتِهِ؛ لِأَنَّهَا السَّبَبُ الْقَرِيبُ لَا مِنْ حَيْثُ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ بَعِيدٌ فَكَانَ فِي أَخْذِهِ مُنَافَاةٌ لِغَرَضِ الْمُوصِي، وَأَمَّا الْمُوصَى لِلْوَارِثِ بِخُصُوصِهِ فَلَمْ يُعَلَّقْ بِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنَّهُ مَعَ قِيَامِ وَصْفِ الْإِرْثِ بِهِ يَأْخُذُ فَكَانَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يُجِيزَ، وَيَأْخُذَ فَلَمْ يَكُنْ فِي أَخْذِهِ بَعْدَ إجَازَتِهِ مُنَافَاةً لِغَرَضِ الْمُوصِي عَلَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَإِنَّا لَا نَعْتَبِرُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ الْإِجَازَةَ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهُ وَرَثَةٌ غَيْرَهُ فَإِذَا أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ لَهُ صَحَّتْ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ هُوَ، وَإِذَا رَدُّوهَا بَطَلَتْ، وَإِنْ أَجَازَ هُوَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتُهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا مَا هُنَا فَاَلَّذِي مَعَهُ غَيْرُ وَرَثَةٍ وَهُمْ لَا تُعْتَبَرُ إجَازَتُهُمْ فَلَوْ أَعْطَيْنَاهُ لَصَحَّحْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُ مَعَ انْفِرَادِهِ، وَوَقَفْنَاهَا عَلَى إجَازَتِهِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مُحَالٌ فَالْمَوْضِعَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهُوَ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْوَارِثِ الْمُوصَى لَهُ غَيْرُهُ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لَهُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِنَفْسِهِ، وَحَيْثُ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ صَحَّتْ إنْ أَجَازَهَا ذَلِكَ الْغَيْرُ، وَمَا قَالُوهُ هُنَا مِنْ صُوَرِ مَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِالْوَصِيَّةِ حِينَئِذٍ إذْ لَوْ أَخَذَ لَتَوَقَّفَ عَلَى إجَازَته لِنَفْسِهِ وَحْدَهُ، وَإِجَازَته لِنَفْسِهِ مُتَعَذِّرَة فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ يَتَّضِحُ لَك أَنَّهُ لَا إشْكَالَ بَيْنَ مَا قَالُوهُ هُنَا مِنْ دُخُولِهِ نَظَرًا لِشُمُولِ اسْمِ الْقَرِيبِ لَهُ أَيْ: حَتَّى يُزَاحِمَ بَقِيَّةَ الْأَقَارِبِ، وَعَدَم إعْطَائِهِ لِتَعَذُّرِ إجَازَته لِنَفْسِهِ إذْ لَا وَارِثَ غَيْرُهُ
وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْوَارِثِ الْمُوصَى لَهُ وَارِثٌ آخَرُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَمَا قَالُوهُ ثَمَّ مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ الَّذِي مَعَهُ وَرَثَةٌ غَيْرُهُ، وَتَوَقُّفِهَا عَلَى إجَازَتِهِمْ
(وَسُئِلَ) عَنْ تَزْوِيجِ الْأُمِّ الْمُوَلَّاةِ عَلَى أَوْلَادِهَا مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ هَلْ تَبْطُلُ وِصَايَتُهَا بِتَزْوِيجِهَا كَحَضَانَتِهَا.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: قَالَ بَعْضُهُمْ رَأَيْت مُعَلَّقًا