الْوَصِيَّةِ الْأُولَى؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الشَّرْطِ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنُهُ، وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ أَوَّلًا، وَإِلَّا كَانَ قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ رُجُوعًا فَقَدْ قَالُوا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لِلِابْنِ إلَّا مُنَجَّزًا، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ، وَتَبْقَى الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الْبَاقِي مِنْ مُخَلَّفِهِ غَيْرَ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ زَيْدٍ وَلَهُ حَمْلٌ مُجْتَنٌّ حَالَ الْوَصِيَّةِ فَهَلْ يَدْخُلُ فِي أَوْلَادِهِ كَالْوَقْفِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: يَشْهَدُ لِلْفَرْقِ قَوْلُهُمْ الْوَصِيَّةُ لِلْمَعْدُومِ بَاطِلَةٌ، وَالْبَاطِلُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا، وَالْحَمْلُ مَعْدُومٌ، وَإِنْ نَزَّلَهُ الْفُقَهَاءُ فِي الْبَيْعِ، وَنَحْوِهِ مَنْزِلَةَ الْمَعْلُومِ لِلتَّبَعِيَّةِ ثُمَّ لِمَا هُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمُعَيَّنِ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مَوْجُودًا كَمَا تَقَرَّرَ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْمَعْدُومِ بِالتَّبَعِيَّةِ فَدَخَلَ فِيهِ الْحَمْلُ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِينَ لَكِنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا عِنْدَ الِانْفِصَالِ إذْ لَا يُسَمَّى وَلَدًا إلَّا حِينَئِذٍ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي مِنْ أَرْضِي أَوْ بِأَرْضِي فَهَلْ تَتَعَيَّنُ تِلْكَ الْأَرْضُ وَهَلْ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فَرْقٌ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ تَتَعَيَّنُ، وَبَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فَرْقٌ إذْ الْأُولَى تَقْتَضِي أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ أُجْرَةِ أَرْضِهِ، وَالثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّ الْمُوصِيَ أَوْ الْحَاكِمَ يَبِيعُهَا، وَيَحُجُّ عَنْهُ بِثَمَنِهَا أَوْ يُعْطِيهَا أُجْرَةً لِمَنْ يَحُجُّ إنْ رَضِيَ.

(وَسُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ تَشَاجَرَتْ هِيَ، وَزَوْجُهَا فَقَالَتْ: حَقِّي بَعْدَ عَيْنِي صَدَقَةٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا فَهَلْ هُوَ وَقْفٌ أَوْ وَصِيَّةٌ أَوْ نَذْرٌ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرُوهُ أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَمْ تَقُلْ بَعْد مَوْتِي، وَالْمَسْجِدُ الْمَذْكُورُ مُعَيَّنٌ فَإِذَا أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا بَعْدَ عَيْنِي بَعْدَ مَوْتِي كَانَ وَصِيَّةً، وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ إرَادَتُهَا فَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِعُرْفِ أَهْلِ بَلَدِهَا الْمُطَّرِدِ فِي الْمُرَادِ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ، وَيُحْتَمَلُ إلْغَاؤُهُ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَأْخَذَ الصَّرَاحَةِ لَيْسَ هُوَ الِاشْتِهَارُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا صُورَتُهُ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْوَرَثَةَ، وَأَفْرَزَ الثُّلُثَ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ قِسْمَتِهِ فَكَتَلَفِهِ فِي يَدِ الْمُسْتَحَقِّينَ؛ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِمْ وَكَذَا الْقَيِّمُ فِي الْحَجِّ إذَا أَخَذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَتَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بِهِ مَنْ يَحُجَّ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْمُوصِيَ لَوْ أَخْرَجَ مِنْ التَّرِكَةِ الثُّلُثَ لِلْفُقَرَاءِ، وَأُفْرِزَ ذَلِكَ فَقَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ تَلِفَ فِي يَدِهِ رَجَعَ فِي بَاقِي التَّرِكَةِ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّ تَلَفَهُ فِي يَدِ الْوَصِيِّ لَا يُجْعَلُ كَوُصُولِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ اهـ فَمَا الرَّاجِحُ مِنْ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا خَفَاءَ أَنَّ الْوَصِيَّ نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْإِقْبَاضِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ نَائِبًا عَنْ الْمُسْتَحَقِّينَ فِي الْقَبْضِ لِئَلَّا يَلْزَمَ مِنْهُ اتِّحَادُ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبَضِ بِلَا ضَرُورَةٍ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ مَا ذَكَرَهُ آخِرًا مِنْ أَنَّ تَلَفَهُ فِي يَدِهِ لَا يُجْعَلُ كَوُصُولِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْهُمْ بَلْ عَنْ الْمَيِّتِ، وَمَنْ وَكَّلَ آخَرَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ بِكَذَا فَتَلِفَ بِيَدِ وَكِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ الدَّائِنُ تَلِفَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَبَقِيَ حَقُّ الدَّائِنِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ: بِالْإِفْرَازِ يَتَبَيَّنُ مِلْكَ الْوَرَثَةِ لِمَا أُفْرِزَ لَهُمْ فَتَلَفُهُ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِمْ كَهُوَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُنَا مَمْنُوعٌ بَلْ بِتَلَفِهِ قَبْلَ الْوُصُولِ لَهُمْ يَتَبَيَّنُ أَنَّ مَا أُفْرِزَ لِلْوَرَثَةِ صَارَ كَأَنَّهُ كُلُّ التَّرِكَةِ فَيُؤْخَذُ ثُلُثُهُ

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ لَهُ زَوْجَةٌ، وَوَلَدٌ، وَوَلَدُ ابْنٍ فَأَوْصَى لِوَلَدِ الِابْنِ بِوَصِيَّةٍ فِي نَصِيبِ الِابْنِ خَاصَّةً فَهَلْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، وَيَدْخُلُ النَّقْصُ عَلَى الِابْنِ دُونَ الزَّوْجَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَأَفْتَى بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَكَذَا ابْنُ السُّنِّيِّ لَكِنْ قَالَ: إنَّهَا فِي ثُلُثِ نَصِيبِ مَنْ جُعِلَتْ فِي نَصِيبِهِ، وَوَافَقَهُمَا ابْنُ مَنْصُورٍ عَلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَكِنْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَفِي فَتَاوَى الشَّرَفِ الْجَيَّانِيِّ بَعْدَ نَقْلِ مَا ذُكِرَ الصَّوَابُ إبْطَالُ الْوَصِيَّةِ إذَا شَرَطَ أَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَغْيِيرًا لِحُكْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنَّ حُكْمَهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِذَا خَصَّصَهَا بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ فَقَدْ وَفَّرَ نَصِيبَ الْآخَرِ بَعْدَ مَا كَانَتْ تُؤْخَذُ مِنْهُ لَوْ كَانَتْ شَائِعَةً وَهَذَا وَصِيَّةٌ لَهُ فَتَحْتَاجُ إلَى إجَازَةٍ إذْ لَا تَصِحُّ إلَّا بِهَا.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا وَلَمْ يَحْكِيَا فِيهِ خِلَافًا صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَاخْتِصَاصُ الْوَصِيَّةِ بِحِصَّةِ مَنْ خَصَّصَهَا الْمُوصَى بِهِ، وَعِبَارَتُهُمَا فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015