إلَى التَّوْبَةِ، وَالتَّنَقِّي مِنْ جَمِيعِ الْمَظَالِمِ، وَالتَّبِعَاتِ وَاسْتِعْمَالُ الْأَذْكَارِ الَّتِي تَحْرُسُ مِنْ الْجِنِّ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ كَمَا فِي حَدِيثِ الدَّارِمِيِّ، وَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَرَأَهَا حِينَ يَضَعُ جَنْبَهُ عَلَى فِرَاشِهِ يَأْمَنُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا الْمَوْتَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
وَسُورَةِ الْبَقَرَةِ لِمَا صَحَّ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَفِرُّ مِنْ بَيْتٍ قُرِئَتْ فِيهِ، وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ لِمَا صَحَّ أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ النَّوْمِ لَا يَزَالُ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى حَافِظٌ وَلَا يَعْتَرِيهِ شَيْطَانٌ حَتَّى يُصْبِحَ وَصَحَّ مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلًا لَمْ يَدْخُلْ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا لَمْ يَدْخُلْ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالْآيَتَيْنِ آخِرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لِمَا صَحَّ أَنَّهُمَا لَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ، وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا عِنْدَ الْبَزَّارِ «أَمَرَ بِالتَّعَوُّذِ بِهِنَّ وَقَالَ: مَا تَعَوَّذَ الْعِبَادُ بِمِثْلِهِنَّ قَطُّ» وَكَقَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إلَخْ لِمَا صَحَّ أَنَّهَا حِرْزٌ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَى الْمِسَاءِ. وَصَحَّ ذَلِكَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ
فِيمَنْ قَالَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ دُبُرَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانِي رَجْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، قِيلَ: وَأَعْظَمُ الْأَسْبَابِ النَّافِعَةِ مِنْهُ كَثْرَةُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ كَذَلِكَ، وَشَرْطُ حُصُولِ النَّفْعِ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ صَفَاءُ الْقَلْبِ مِنْ الْكَذِبِ، وَالْإِخْلَاصُ فِي التَّوْبَةِ، وَالنَّدَمُ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ، وَإِلَّا فَغَلَبَةُ أَسْبَابِ الدَّاءِ تُبْطِلُ نَفْعَ الدَّوَاءِ كَأَنْ يَغْفُلَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى تَهْجُمَ عَلَيْهِ الْآفَةُ ثُمَّ يَطْلُب الْإِقَالَةَ بِذَلِكَ فَلَا يَجِدُ إلَيْهَا سَبِيلًا، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحْسَنُ مَا يُدَاوَى بِهِ الطَّاعُونُ التَّسْبِيحُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَدْفَعُ الْعَذَابَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: 143] الْآيَةَ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْهُ لَمْ أَرَ لِلْوَبَاءِ أَنْفَعَ مِنْ الْبَنَفْسَجِ يُدْهَنُ بِهِ، وَيُشْرَبُ،، وَيَتَأَكَّدُ لِمَنْ أَصَابَهُ طَاعُونٌ أَوْ مَرَضٌ غَيْرُهُ أَنْ يُدِيمَ سُؤَالَ الْعَافِيَةِ وَقَدْ صَحَّ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ بِالْإِكْثَارِ مِنْ الدُّعَاءِ بِهَا، وَوَرَدَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ خِلَافًا لِلْحَاكِمِ «مَا سُئِلَ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ الْعَافِيَةِ» .
، وَوَرَدَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ «أَنَّ الدُّعَاءَ بِهَا أَفْضَلُ الدُّعَاءِ» وَصَحَّ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ «لَمْ يُعْطَ النَّاسُ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ» وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمَنْ اشْتَكَى إلَيْهِ وَجَعًا فِي جَسَدِهِ «امْسَحْ بِيَمِينِكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِك وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ، وَأُحَاذِرُ، وَأَنْ يَصْبِرَ عَلَى قَضَاءِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَدَرِهِ فَإِنَّ أُمُورَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهَا خَيْرٌ إنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ شَكَرَ، وَإِنْ أَصَابَهُ شَرٌّ صَبَرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ «إنَّ الرَّجُلَ لَتَكُونُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمَنْزِلَةَ فَمَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلٍ فَمَا يَزَالُ يَبْتَلِيه بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إيَّاهَا» وَصَحَّ «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حَزَنٍ، وَلَا أَذًى، وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَطَايَاهُ» ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ «مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فِي مَالِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ فَكَتَمَهَا وَلَمْ يَشْكُهَا إلَى النَّاسِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لَهُ» وَصَحَّ «إذَا اشْتَكَى الْمُؤْمِنُ خَلَّصَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الذُّنُوبِ كَمَا يُخَلِّصُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» ، وَأَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَغَيْرِهِ «إنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ» .
وَصَحَّ فِي سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ أَنَّ مَنْ قَالَهُ صَبَاحًا فَمَاتَ يَوْمَهُ أَوْ لَيْلَتَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى ذَلِكَ، وَأَنْ يَخْتِمَ لَنَا بِالْحُسْنَى، وَيُبَلِّغَنَا مِنْ فَضْلِهِ الْمَقَامَ الْأَسْنَى آمِينَ هَذَا خُلَاصَةُ مَا تَيَسَّرَ جَمْعُهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) سُؤَالًا صُورَتُهُ إذَا كَانَ بَعْضُ أَهْلِ بِلَادِنَا بِأَرْضِ بَجِيلَةَ الشَّخْصُ مِنْهُمْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ بِعَيْنٍ مِنْ تَرِكَتِهِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ، فَيَقُولُ مَثَلًا هَذَا لِفُلَانٍ وَهَذَا لِفُلَانَةَ عَلَى قَصْدِ الْوَصِيَّةِ لَا قَصْدِ الْإِقْرَارِ، وَاطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ وَصِيَّةً فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ وَصِيَّةً لِاطِّرَادِ عُرْفِهِمْ بِذَلِكَ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْوَصِيَّةِ مِنْ جَوَازِ الرُّجُوعِ فِيهِ وَكَوْنِ الْمُقَرِّ لَهُ وَارِثًا فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ اللَّفْظُ إقْرَارًا لِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - صِيغَةُ الْإِقْرَارِ هَذَا لِفُلَانٍ وَقَدْ أَتَى الْمُقِرُّ بِصِيغَةِ الْإِقْرَارِ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ