وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُزَيِّنُونَ لِابْنِ آدَمَ كَثِيرًا مِنْ الْمَعَاصِي فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْحَلِيمِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: الْمُرَادُ بَعْضُهُمْ لَا كُلُّهُمْ لِحَدِيثِ " صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ " مَرَدَةُ الْجِنِّ فَمَرَدَةُ نَعْتٌ مُخَصِّصٌ أَوْ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ، وَرِوَايَةُ مَرَدَةُ بِمَعْنَى رِوَايَةِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ الْمُطْلَقَةُ، وَعَلَى هَذَا فَالْوَخْزُ يَقَعُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَرَدَةِ، وَقَالَ عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ الْمُرَادُ كُلُّهُمْ إشَارَةً إلَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَقِلَّةِ إغْوَائِهِمْ فَهُمْ كَالْمُصَفَّدِينَ.

وَرَجَّحَ الْقُرْطُبِيُّ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ صَامَ الصَّوْمَ الْمُعْتَبَرَ بِشُرُوطِهِ، وَآدَابِهِ، وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مَا قَالَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَمِنْهَا الْكَلَامُ عَلَى كَوْنِهِ شَهَادَةً وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ

وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَأَيْضًا، وَفِي حَدِيثٍ حَسَن «أَتَانِي جِبْرِيلُ بِالْحُمَّى، وَالطَّاعُونِ فَأَمْسَكْتُ الْحُمَّى بِالْمَدِينَةِ، وَأَرْسَلْت الطَّاعُونَ إلَى الشَّامِ فَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِأُمَّتِي، وَرَحْمَةٌ لَهُمْ، وَرِجْسٌ عَلَى الْكَافِرِ» وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عُقُوبَةً. فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا ظَهَرَتْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ الْمَوْتَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا» ، وَفِي رِوَايَةٍ «مَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمْ الزِّنَا إلَّا أُخِذُوا بِالْفَنَاءِ، وَمَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمْ الرِّبَا إلَّا أُخِذُوا بِالسَّنَةِ، وَمَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمْ الرِّشَا إلَّا أُخِذُوا بِالرُّعْبِ»

، وَوَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ أَنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ عَجَّلَ لَهُمْ عُقُوبَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ حَسَنٍ

وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مُعْظَمِ الْأُمَّةِ لِثُبُوتِ أَحَادِيثِ الشَّفَاعَةِ فِي قَوْمٍ يُعَذَّبُونَ ثُمَّ يُخْرَجُونَ مِنْ النَّارِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَوْنَهُ عُقُوبَةً بِسَبَبِ الْمَعْصِيَةِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ شَهَادَةً لِجَمِيعِ مَنْ طُعِنَ لَا سِيَّمَا مَنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْمَعْصِيَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَعَلَّ سَبَبَ الْعُمُومِ تَقَاعُدُهُمْ عَنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ زِيَادَةُ حَسَنَاتِ مَنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْفَاحِشَةَ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إنَّ الرَّجُلَ لَتَكُونُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ الْمَنْزِلَةُ مَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلِهِ فَمَا يَزَالُ يَبْتَلِيه بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إيَّاهَا» وَلَا كَوْنَهُ شَهَادَةً فِي حَقِّ الْعَاصِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الرَّحْمَةِ فِي حَقِّهِ أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةُ فِي الدُّنْيَا لِتُكَفِّرَ خَطَايَاهُ، وَإِنَّمَا كَانَ سَبَبُهُ ظُهُورَ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا يَقَعُ سِرًّا، وَحَدُّهُ: إزْهَاقُ رُوحِ الْمُحْصَنِينَ فَإِذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ سَلَّطَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ عَدُوًّا يَقْتُلُهُمْ سِرًّا مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ.

وَقَاعِدَةُ الْعَذَابِ أَنَّهُ إذَا نَزَلَ يَعُمُّ الْمُسْتَحِقَّ لَهُ، وَغَيْرَهُ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ، ثُمَّ الشَّهِيدُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ فَرُوحُهُ شَهِدَتْ دَارَ السَّلَامَ، وَرُوحُ غَيْرِهِ إنَّمَا تَشْهَدُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْمَوْتِ مَا لَهُ مِنْ الْكَرَامَةِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةَ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ، أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ لِأَنَّهُ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ أَوْ بِالْأَمَانِ مِنْ النَّارِ أَوْ بِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ مَلَائِكَتِهِ،، وَالشَّهَادَةُ اصْطِلَاحًا تَخْصِيصُ مَنْ حَصَلَ لَهُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِهَا بِثَوَابٍ مَخْصُوصٍ، وَكَرَامَةٍ زَائِدَةٍ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِقَتِيلِ الْمَعْرَكَةِ

فَفِي حَدِيثِ الْمُوَطَّإِ الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى قَتِيلِ الْمَعْرَكَةِ، وَعَدَّدَهَا الْمَطْعُونُ، وَالْغَرِيقُ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ أَيْ: وَهُوَ الْمَيِّتُ بِقُرْحَةِ ذَاتِ الْجَنْبِ، وَالْمَبْطُونُ أَيْ: الَّذِي يَمُوتُ بِمَرَضِ بَطْنِهِ كَالِاسْتِسْقَاءِ، وَقِيلَ: صَاحِبُ الْإِسْهَالِ، وَقِيلَ: الْمَجْنُونُ.، وَقِيلَ: صَاحِبُ الْقُولَنْجِ، وَالْحَرِيقِ، وَالْمَيِّتُ تَحْتَ الْهَدْمِ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجَمْعٍ أَيْ: بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ قِيلَ: هِيَ الَّتِي تَمُوتُ بِالْوِلَادَةِ أَلْقَتْ وَلَدَهَا أَوْ لَا، وَقِيلَ: إنْ لَمْ تُلْقِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقِيلَ: هِيَ الْبِكْرُ، وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَرْأَةُ يَجُرُّهَا وَلَدُهَا بِسُرُرِهَا إلَى الْجَنَّةِ» وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَمُوتُ بِمُزْدَلِفَةَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ خَطَأٌ ظَاهِرٌ مَثَلًا وَمِنْ الشُّهَدَاءِ صَاحِبُ السِّلِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ "، وَالْغَرِيبُ " رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، وَفِيهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ " وَصَاحِبُ الْحُمَّى " رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ

«وَمَنْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ أَوْ افْتَرَسَهُ سَبُعٌ، وَالشَّرِيقُ، وَالْخَارُّ عَنْ دَابَّتِهِ، وَالْمُتَرَدِّي مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَغَيْرُهُ

«وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ أَوْ دَمِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ أَهْلِهِ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ «وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلِمَةٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ «وَالْمَيِّتُ فِي حَبْسٍ حُبِسَ فِيهِ ظُلْمًا» رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ «وَمَنْ عَشِقَ فَكَتَمَ فَعَفَّ» رَوَاهُ الْخَطِيبُ وَالدَّيْلَمِيُّ «وَالْمَيِّتُ وَهُوَ طَالِبٌ لِلْعِلْمِ» رَوَاهُ الْبَزَّارُ «وَالْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015