الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ وَمَا أَشْبَهَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْفٌ أَوْ إيصَاءٌ لِمُتَّصِفٍ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَعَلُّقِ كُلٍّ مِنْ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ بِالصِّفَاتِ الْمَعْلُومَةِ صَحِيحٌ قَطْعًا ثُمَّ إنْ عَيَّنَ الْمُوصِي الْمُؤَذِّنَ أَوْ الْمُعَلِّمَ وَجَبَ قَبُولُهُ، وَإِلَّا فَلَا وَمَا نُقِلَ عَنْ الْأَصْبَحِيِّ فَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ فِي نَظِيرِ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعِبَارَته إذَا أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ فَهَذَا يَنْصَرِفُ إلَى الْغَلَّةِ لَا غَيْرَ وَيَحْكُمُ الْعُرْفُ فِي غَلَّةِ كُلِّ سَنَةٍ بِسَنَتِهَا فَمَنْ قَرَأَ جُزْءًا اسْتَحَقَّ بِقِسْطِهِ وَمَنْ قَرَأَ أَكْثَر كَذَلِكَ، وَإِنْ قَرَأَ الْجَمِيعَ اسْتَحَقَّ غَلَّةَ ذَلِكَ الْعَامِ، وَإِنْ كَانَ وَصِيَّتُهُ بِالْأَرْضِ غَيْرَ وَقْفٍ، فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةَ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءًا إلَى مُدَّةِ كَذَا وَكَذَا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا إلًّا مَنْ قَرَأَ تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّن الْمُدَّةَ وَقَعَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً إذْ لَا آخِرَ لِذَلِكَ، وَالِاسْتِحْقَاقُ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ مَجْهُولٍ لَا آخِرَ لَهُ فَيُشْبِه مَسْأَلَةَ الدِّينَارِ وَفِيهَا إشْكَالٌ حَتَّى قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ فِي آخِرِ تَفْرِيعَاتِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا يُهْتَدَى إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ وَقْفًا فَهُوَ أَقْرَبُ أَوْ وَصِيَّةً مُدَّةً مُعِينَةً فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ وَصِيَّةً إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ فَمُشْكِلٌ وَالْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةٌ فِي الْغَرَائِبِ اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُ مَقْبُولٌ وَبَعْضُهُ مَرْدُودٌ فَلْنُبَيِّنْهُ، وَإِنْ اسْتَدْعَى بَسْطًا فَنَقُولُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُ الْعُرْفُ إلَخْ فَفِيهِ إجْمَالٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: إذَا أَوْصَى أَنْ تُوقَفَ أَرْضٌ مَثَلًا عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الْمُقَرَّرِ وَلَا وَقْتَهُ، فَهَذَا أَمْرٌ مُطْلَقٌ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ فَإِذَا اطَّرَدَ الْعُرْفُ فِي زَمَنِ الْوَقْفِ فِي زَمَنِ حَالِ الْوَقْفِ بِشَيْءٍ وَجَبَ تَنْزِيلُ وَقْفِهِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ، وَإِذَا نَزَلَ الْوَقْفُ عَلَى الْعُرْفِ الْمَذْكُورِ فَمَنْ وَفَّى بِجَمِيعِ مَا اقْتَضَاهُ الْعُرْفُ اسْتَحَقَّ كُلَّ الْمَعْلُومِ، وَمَنْ أَخَلَّ بِبَعْضِهِ نَقَصَ مِنْ مَعْلُومِهِ مَا أَخَلَّ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ كَذَلِكَ فَمَا الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ هَذَا الْوَقْفُ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِأَصْلِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ فَلَا يَضُرُّ إخْلَالُهُ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَعِبَارَتُهُ وَأَمَّا مَنْ أَخَلَّ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ دُونَ بَعْضٍ فَيُنْظَرُ فِي كَيْفِيَّةِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ الشَّرْطِ الَّذِي أَخَلَّ بِهِ وَمُسْتَنَدِهِ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَضِيًا اشْتِرَاطَهُ فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَتْرُكُهُ فِيهِ وَيَتَقَيَّدُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ بِالْقِيَامِ بِهِ فِيهَا فَيَسْقُطُ اسْتِحْقَاقُهُ فِيهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَضَاهُ وَكَانَ مَشْرُوطًا عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ إخْلَالًا بِمَا هُوَ الْمَشْرُوطُ مِنْهُ فَلَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ اسْتِحْقَاقُهُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إخْلَالُ الْمُتَّفِقَةِ بِالِاشْتِغَالِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ حَيْثُ لَا يَكُونُ الْوَاقِفُ نَصَّ عَلَى اشْتِرَاطِ وُجُودِهِ كُلَّ يَوْمٍ فَإِنَّ مَا هُوَ الْمُسْتَنَدُ فِي اشْتِرَاطٍ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَهُ عَلَى الْجُمْلَةِ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَلْتَحِقُ بِهَذَا الْإِخْلَالِ بِحُضُورِ الدَّرْسِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ خَارِجًا عَنْ الْمُتَعَارَفِ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ عَلَى اشْتِرَاطِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَمِنْ الْقَبِيلِ الْأَوَّلِ مَا ذَكَرَ مِنْ اشْتِرَاطِهِ مِنْ قِرَاءَةِ جُزْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ كُلَّ يَوْمٍ فَأَيُّ يَوْمٍ أَخَلَّ بِذَلِكَ سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ فِيهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ تَعَدِّي سُقُوطِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ فِيهَا إخْلَالُهُ بِالشَّرْطِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ وُجُودِ هَذَا الْمُسْتَحَقِّ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ كَالْأَيَّامِ الَّتِي تَقَدَّمَهُ، وَقَضَاؤُهُ لِمَا فَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُثْبِتُ اسْتِحْقَاقَهُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ فَإِنَّ الْمُقَيَّدَ بِوَقْتٍ لَا يَتَنَاوَلُ مَا فُعِلَ فِي غَيْرِهِ اهـ. وَإِذَا تَأَمَّلْتَهُ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ الْمُوصِي عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي لَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ كُلَّ يَوْمٍ بَلْ عَلَى الْجُمْلَةِ هَذَا كُلُّهُ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي شَرْطًا وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا فَإِنَّهُ قَالَ: مَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي كَوْنِهِ مِنْ الشُّرُوطِ فَلَا يُجْعَلُ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ الشَّكِّ وَبَيَّنَ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ لَهُ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ صُوَرِهَا إنْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ أُمُورًا غَيْرَ مَقْرُونَةٍ بِصِيغَةِ الِاشْتِرَاطِ؟ فَلَمْ يَقُلْ فِيهَا وَقَفْتُ عَلَى أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ كَذَا أَوْ بِشَرْطِ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ كَذَا وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، وَإِنَّمَا قِيلَ: فِيهَا لِيَفْعَلُوا كَيْتَ وَكَيْتَ أَوْ يَفْعَلُوا كَذَا وَكَذَا فَمِثْلُ هَذَا مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَوْصِيَةً وَبَيْن أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطًا اهـ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَفْتُ عَلَى مَنْ يَفْعَلُ كَذَا أَوْ أَوْصَيْتُ لِمَنْ يَفْعَلُ كَذَا مِمَّا لِلْوَاقِفِ أَوْ الْمُوصِي فِيهِ حَظٌّ يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ نَفْعٌ بِمَنْزِلَةِ الِاشْتِرَاطِ؛ لِأَنَّهُ رَبَطَ الْوَقْفَ أَوْ الْوَصِيَّةَ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ مَقْصُودَةٍ