لِانْتِقَالِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَفَائِدَةُ تَقْيِيدِ الِانْتِقَالِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ يَكُونُ حَقُّ الْمَيِّتِ لِإِخْوَتِهِ دُونَ مَنْ سَاوَاهُمْ فِي الدَّرَجَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِسِتِّ رَيْحَان أَوْلَادٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ لِأَخِي قَمَرَ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَخُوهَا؛ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ انْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِي دَرَجَتِهَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ أَوْلَادَ سِتّ رَيْحَان لَا يَأْخُذُونَ شَيْئًا بِمَوْتِهَا مَعَ وُجُودِ فَاطِمَةَ عَمَلًا بِمُقْتَضَى التَّرْتِيبِ مَعَ مَا قُلْنَاهُ اهـ.

جَوَابُ الشَّيْخِ فَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إلَخْ فَقَدْ مَرَّ رَدُّهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِنْ اُحْتُمِلَ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَوَابُهُ أَنَّهُ لَا بُعْد فِيهِ بَلْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِ الَّذِي ذَكَره بِشَهَادَةِ مَا مَرَّ مَبْسُوطًا وَقَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ تَقْيِيدِ الِانْتِقَالِ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا إنْ أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَأْتِي فِي صُورَتِنَا؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَخُصّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ عِنْد عَدَمِ الْوَلَدِ بَلْ جَعَلَهُ لِجَمِيعِ مَنْ فِيهَا فَلَزِمَ مِنْ عَدَمِ إعْطَاءِ الْوَلَدِ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ أَصْلًا كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا أَيْضًا ثُمَّ فِي جَوَابِ هَذَا أَنْظَارٌ أُخَرُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَا نَحْنُ فِيهِ؛ فَلِذَا لَمْ نُعَوِّلْ عَلَيْهَا وَأَحَلْنَاهَا عَلَى التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ.

وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الرَّابِعُ فَبَعِيدٌ جِدًّا كَمَا لَا يَخْفَى أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ، وَإِنَّمَا عَوَّلَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَكَأَنَّهُ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ قُرْبِهِ وَتَبَادُرِهِ إلَى الْفَهْمِ مَعَ اعْتِضَادِهِ بِمَا مَرَّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ بَعِيدٌ وَلَمْ يُعْتَضَدْ بِشَيْءٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُرَجِّحًا لَهُ عَلَى غَيْره وَمِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ فِي فَتَاوِيهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّ ارْتِكَابَ الْمَجَازِ، وَإِنْ بَعُدَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ الْكَلَامِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا فِي وَاقِعَةٍ أُخْرَى سُئِلَ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ تَاجَ الْمُلُوكِ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ، وَمَنْ مَاتَ وَلَا وَلَدَ لَهُ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ، وَمَنْ مَاتَ وَلَا وَلَد لَهُ وَلَا إخْوَةٌ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِأَقْرَب النَّاسِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ فَمَاتَ رَجُلٌ وَلَهُ بِنْتُ وَابْنُ ابْنٍ قَدْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ؟

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: يَأْخُذُ ابْنُ الِابْنِ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ أَبُوهُ لَوْ كَانَ حَيًّا الْآن وَلَا تَحْجُبُهُ عَنْهُ عَمَّتُهُ وَلَا يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ هُنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْجُبُ وَلَدَهُ جَمْعًا بَيْن الْكَلَامَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لُغِيَ قَوْله: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ اسْتَحَقَّ وَلَدُهُ نَصِيبه اهـ.

فَتَأَمَّلْ كَوْنَهُ اضْطَرَّ إلَى الْجَمِيعِ خَوْفًا مِنْ إلْغَاءِ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَره فَكَذَلِكَ نُضْطَرُّ فِي مَسْأَلَتنَا إلَى الْجَمْعِ بَيْن قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ الْمُقْتَضَى بِمَفْهُومِهِ الْمُتَبَادِرِ مِنْهُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ وَبَيْن قَوْلِهِ: ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ الْمُقْتَضَى بِمَنْطُوقِهِ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى، وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّا نَحْمِلُ الْأَوَّلَ عَلَى مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ وَالثَّانِيَ عَلَى مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَعْمَلْ بِمَفْهُومِ الْأَوَّلِ لَزِمَ إلْغَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْ الْعَمَل بِمَنْطُوقِهِ بِثُمَّ فَإِنَّ مَنْطُوقَهُ يَلْزَمُ بِعَيْنِ مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ حَمَلَهُ عَلَى حَالَةٍ بِهَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنه وَبَيْن الثَّانِي وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا إذَا قُلْنَا بِالْعَمَلِ بِمَفْهُومِ الْأَوَّلِ وَإِذَا وَقْدَ عُلِمَ مِنْ كَلَام السُّبْكِيّ فِي هَذَا الْجَوَّابِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ الْفِرَارَ إلَى التَّجَوُّزِ الْبَعِيدِ أَوْلَى مِنْ الْفِرَارِ إلَى الْحُكْمِ عَلَى بَعْضِ كَلَام الْوَاقِفِ بِالْإِلْغَاءِ فَلْيَتَعَيَّنْ فِي مَسْأَلَتنَا مَا قُلْنَاهُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى خِلَافِهِ مِنْ إلْغَاءِ قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ، بَلْ مَسْأَلَتنَا أَوْلَى بِذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ السُّبْكِيّ؛ لِأَنَّ غَايَة مَا فِي مَسْأَلَتنَا الْعَمَلُ بِأَحَدِ مَا صَدَقَات اللَّفْظِ بَلْ بِمَا لَا يَتَبَادَرُ مِنْ اللَّفْظِ غَيْرُهُ، وَهَذَا أَوْلَى وَأَقْرَبُ مِنْ الْفِرَارِ عَنْهُ إلَى الْفِرَارِ إلَى التَّجَوُّزِ الْبَعِيدِ فَإِذَا جَوَّزَ ذَلِكَ حَذَرًا مِنْ الْإِلْغَاءِ فَلَإِنْ نُجَوِّزُ مَا قُلْنَاهُ حَذَرًا مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى.

وَقَالَ فِي فَتَاوِيهِ أَيْضًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ فِي كَلَام الْوَاقِفِ عُمُومَانِ اُحْتِيجَ إلَى التَّرْجِيحِ وَمِنْ طُرُقِهِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْعُمُومَيْنِ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاء شَيْءٍ مِنْ كَلَام الْوَاقِفِ وَالْآخَرُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَيُعْمَلُ بِالْعَامِّ الَّذِي لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاء وَبِمِثْلِهِ يُقَالُ: فِي مَسْأَلَتنَا فَإِنَّ أَحَدَ مُحْتَمَلَاتِ اللَّفْظِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015