ذَلِكَ الْكِتَابَ بِخَطِّ الْمُوَكِّلِ وَلَا بِأَمْرِهِ أَوْ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِكِتَابَتِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ حِينَئِذٍ وَإِذَا أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً بِالْعَجْزِ عَنْ الْأَرْسَالِ وَأَقَامَ الْمُوَكِّلُ بَيِّنَةً بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْإِرْسَالِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْإِرْسَال وَبَيِّنَةُ الْمُوَكِّلِ مُسْتَصْحِبَةٌ لِأَصْلِ الْقُدْرَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْوَكِيلِ هُمَا مُتَعَارِضَتَانِ فَيُصَدَّقُ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ، وَاَللَّه أَعْلَم
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ وَكَّلْتُك تَقْبِضُ لِي جَمِيعَ أَمْلَاكِي بِبَلَدِ فُلَانٍ وَهُوَ نَاءٍ عَنْهُ وَأَمْلَاكُهُ عَقَارٌ وَمَنْقُولٌ وَبَعْضُ الْمَنْقُولِ مَا يُسَاوِي أُجْرَةَ النَّقْلِ لَوْ نُقِلَ إلَيْهِ فَهَلْ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ وَمَا يَشُقُّ نَقْلُهُ ثُمَّ يُنْقَلُ ثَمَنُهُ أَمْ لَا فَمَا الْحُكْمُ؟
(فَأَجَابَ) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ فِيمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ خُصُوصًا وَلَا عُمُومًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ وَلَوْ عُمُومًا كَأَنْ أَمَرَهُ بِفِعْلِ الْأَصْلَحِ أَوْ مَا أَرَادَ فَلَهُ فِي الْأُولَى الْبَيْع إنْ كَانَ أَصْلَحَ وَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) هَلْ يَقُومُ الْوَكِيلُ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ بِقَبْضِ الزَّكَاةِ لَهُ مِنْ الْبَلَدِ الْبَعِيدَةِ عَنْ بَلَدِ الْمُوَكِّلِ؟
(فَأَجَابَ) لَا يَقُومُ الْوَكِيلُ مَقَام الْمُوَكِّل فِي قَبْضِ الزَّكَاةِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَال؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّل لَمْ يَثْبُت لَهُ حَقّ حَتَّى يُوَكِّلَ فِي اسْتِيفَائِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي بَلَدٍ بِأَنْ كَانَ فِيهِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثَلَاثَةٌ فَأَقَلُّ حَالَ حَوَلَانِ الْحَوْل مَعَ التَّمَكُّنِ جَازَ لِمَنْ سَافَرَ مَعَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ حِصَّتَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ إذَا انْحَصَرُوا كَذَلِكَ مَلَكُوا الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ فِي أَمْوَالِ تِلْكَ الْبَلَدِ مِلْكًا حَقِيقِيًّا يُورَثُ عَنْهُمْ وَيَسْتَحِقُّونَ الْمُطَالَبَةَ بِهِ فَإِذَا غَابَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَوَكَّلَ مَنْ يُطَالِبُ لَهُ بِحَقِّهِ أَوْ يَقْبِضُهُ لَهُ نَفَذَ ذَلِكَ التَّوْكِيلُ، وَاَللَّه أَعْلَم.
(وَسُئِلَتْ) عَمَّنْ وَكَّلَ فِي شِرَاءِ بَقَرَةٍ فَاشْتَرَاهَا وَسَلَّمَ الْمُوَكِّلُ ثَمَنَهَا قَبَضَهَا فَبَقِيَتْ مَعَهُ مُدَّةً حَتَّى كَثُرَ نَسْلُهَا وَمُؤْنَتُهَا فَقَالَ الْوَكِيلُ لَمْ اشْتَرِهَا إلَّا لِي وَأَرَادَ أَخْذَهَا وَنَسْلَهَا وَتَغْرِيمَ مُوَكِّلِهِ مَنَافِعَهَا مَا الْحُكْمُ (فَأَجَبْت) بِقَوْلِي يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَثْبُت أَنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْت لِمُوَكِّلِي أَوْ نَحْوه مِمَّا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ وُقُوعُ الْعَقْدِ لِلْوَكِيلِ وَإِذَا صَدَّقْنَاهُ بِيَمِينِهِ أَخَذَهَا وَنَسْلهَا وَغَرِمَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهَا تَعَدِّيًا أُجْرَة مِثْلِهَا مُدَّةَ وَضْعِ الْيَدِ وَطَلَبُهُ شِرَاهَا مِنْهُ اعْتِرَافٌ لَهُ بِالْمِلْكِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ الدَّعْوَى بِهِ فَإِنْ طَلَبَ شِرَاءَ بَعْضِ نَسْلِهَا كَانَ اعْتِرَافًا فِيمَا طَلَبَ شِرَاءَهُ فَقَطْ.
(وَسُئِلَ) عَنْ الْوَكِيلِ إذَا أَخَلَّ بِشَرْطٍ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَا تَبِعْ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا تَدْخُلْ الْبَلْدَةَ الْفُلَانِيَّةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَخَالَفَ فَهَلْ تَفْسُدُ الْوَكَالَةُ فَإِذَا قُلْتُمْ بِفَسَادِهَا وَتَصَرَّفَ فِيهَا بَعْدَ الْفَسَادِ فَهَلْ يَكُونُ تَصَرُّفُهُ هَذَا صَحِيحًا وَرِبْحُ ذَلِكَ لِمَنْ يَكُونُ وَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ هَلْ يَضْمَنُ وَهَلْ الْوَكَالَةُ وَالْإِذْنُ سِيَّانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَوْ بَيْنهمَا فَارِقٌ كَقَوْلِهِ أَذِنْت لَهُ بِبَيْعِ هَذَا أَوْ وَكَّلْته بِبَيْعِ هَذَا أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) إذَا أَخَلَّ الْوَكِيل بِالشَّرْطِ كَأَنْ قَالَ لَهُ مُوَكِّلُهُ لَا تَبِعْ أَوْ لَا تَشْتَرِ بِنَسِيئَةٍ فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِهَا بَطَلَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ وَلَا رِبْحَ لِلْوَكِيلِ وَلَا لِمُوَكِّلِهِ بَلْ الْعَيْنُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا رِبْحٌ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ الْوَارِدَةَ عَلَيْهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ وَفُرُوعِهِمَا كُلَّهَا بَاطِلَةٌ وَإِذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ الشَّرْطَ وَبَاعَ فَاسِدًا وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ وَكَذَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَالْوَكَالَةُ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْإِذْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ حَيْثُ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ وَلَمْ يَفْسُدْ الْإِذْنُ فَتَصَرَّفَ الْوَكِيلُ عَلَى وَفْقِهِ صَحَّ التَّصَرُّفُ رِعَايَةً لِعُمُومِ الْإِذْنِ دُونَ خُصُوصِ الْوَكَالَةِ وَفَائِدَةُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ مَعَ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ فِي فَاسِدِهَا اسْتِقْرَارُ الْجُعْلِ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فِي الْفَاسِدَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَم.
(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَرْسَلَ لِآخَرَ فِضَّةً لِيَبِيعَهَا لَهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَلَمْ تَسْوَ إلَّا دُونَ ذَلِكَ فَأَمَرَ صَاحِبُ الْفِضَّةِ شَخْصًا آخَر بِأَنْ يُطَالِبَ ذَلِكَ الشَّخْصَ الْأَوَّلَ بِالْفِضَّةِ وَيَأْخُذَهَا مِنْهُ وَيَأْتِيَ بِهَا لِصَاحِبِهَا فَجَاءَ وَأَخَذَهَا ثُمَّ سَافَرَ بِهَا إلَى مَالِكِهَا لِيَدْفَعَهَا لَهُ ثُمَّ قَالَ إنَّهَا سُرِقَتْ أَوْ إنَّهَا سَقَطَتْ مِنِّي وَلَا عِلْم لِي وَقَالَ أَنَا أُعْطِي ثَمَنَهَا وَأَعْطَى مَالِكَهَا بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَّ إنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ إعْطَاءِ بَاقِي الثَّمَنِ فَمَا حُكْمُ اللَّهِ فِي ذَلِكَ