أَمْرٌ طَرْدِيٌّ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْفَرْقِ فَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَا التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى اعْتِبَارِهِ مِنْ مُخَالَفَةِ ذَلِكَ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ الَّذِي ذَكَرْتُهُ.

وَتَأَمَّلْ أَيْضًا قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَبِيهِ بِظَنِّ إعْسَارِهِ فَبَانَ يَسَارُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لِلسُّقُوطِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دَخَلَ فِي مَنْعِ الرُّجُوعِ لَمْ يَرْجِعْ هُنَا وَإِنْ ظَنَّ إعْسَارَهُ لِأَنَّ إنْفَاقَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ يَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ أَيْضًا فَلَوْ نَظَرْنَا لِذَلِكَ لَقُلْنَا لَا رُجُوعَ لِلْمُنْفِقِ لِأَنَّ الْمُنْفَقَ عَلَيْهِ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْإِنْفَاقِ شَيْءٌ فَهُوَ كَاَلَّذِي أَنْفَقَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ بَانَ حُرًّا سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَكَالْجَارِيَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ سَيِّدَهَا لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مُدَّةَ زَمَنِ الْإِنْفَاقِ فَلَزِمَ عَلَى النَّظَرِ لِذَلِكَ سُقُوطُ الرُّجُوعِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ إنْ نَظَرْنَا لِذَلِكَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِتَصْرِيحِهِمْ فِي مَسْأَلَتَيْ الْأَبِ وَالْحُرِّ بِالرُّجُوعِ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ فِيهِمَا وَإِذَا لَمْ يَنْظُرْ إلَيْهِ فِيهِمَا وَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَبِهَذَا الَّذِي قَرَّرْته تَبَيَّنَ لَك أَنَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ الرُّجُوعِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقَالَةِ لَا يَخْتَصُّ بِهَا بَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ إذَا بَانَ بُطْلَانُ الْفَسْخِ

فَإِذَا عَادَ الْمَبِيعُ إلَى بَائِعه بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْفَسْخِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ بُطْلَانُ الْفَسْخِ وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَهُ لِمَا قَدَّمْته وَاضِحًا مَبْسُوطًا فَإِنْ قُلْت إذَا رَجَعَ بِالنَّفَقَةِ هَلْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ اسْتِخْدَامِهِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْفَوَائِدِ قُلْتُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَمَا غَرِمَ النَّفَقَةَ يَغْنَمُ الرِّيعَ وَيَحْتَمِل أَنْ يُقَالَ لَا رُجُوعَ لَهُ إنْ عُلِمَ بِفَسَادِ الْفَسْخِ دُونَ الْبَائِعِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِفَسَادِهِ وَتَرْكَ الْمَبِيع فِي يَدِ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ مُسْتَلْزِمٌ لِتَبَرُّعِهِ عَلَيْهِ بِاسْتِخْدَامِهِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا أَقْرَبُ نَعَمْ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا إنْ وَطِئَهَا سَوَاءٌ أُعْلِمَ بِفَسَادِ الْفَسْخِ أَمْ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْبَلُ التَّبَرُّعَ فَلَمْ يَفِدْ الْعِلْمُ فِيهِ شَيْئًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْفَوَائِدِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّبَرُّعَ بِهِ فَأَثَّرَ فِيهِ الْعِلْمُ فَإِنْ قُلْتَ إنَّمَا تَبَرَّعَ بِالْفَوَائِدِ فِي مُقَابَلَةِ النَّفَقَةِ فَإِذَا لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ فَلَا تَبَرُّعَ مِنْهُ فَيَرْجِعُ قُلْتُ هَذِهِ مُقَابَلَةٌ فَاسِدَةٌ لَمْ يَرْضَ بِهَا الْمُنْفِقُ حَتَّى نُلْزِمَهُ بِقَضِيَّتِهَا فَكَانَ الْقِيَاسُ إلْغَاءَ قَصْدِ الْمُشْتَرِي لِتِلْكَ الْمُقَابَلَةِ وَتَغْرِيمَهُ النَّفَقَةَ وَعَدَمَ رُجُوعِهِ بِتِلْكَ الْفَوَائِدِ لِتَعَدِّيهِ بِتَرْكِهِ لِمِلْكِهِ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَنْ اشْتَرَى شَاةً فَذَبَحَهَا فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا فَهَلْ هُوَ عَيْبٌ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ هُوَ عَيْبٌ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ فِي إحْدَاثِ مَا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ إلَّا بِهِ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى حَمْلِهَا بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ امْتَنَعَ رَدُّهُ وَإِلَّا فَلَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى دَارًا خَرِبَةً فَعَمَّرَهَا وَجَدَّدَ فِيهَا بُيُوتًا وَسَكَنَهَا مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْبَائِعِ وَادَّعَى أَنَّ الْخَرِبَةَ الْمَذْكُورَةَ وَقْفٌ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَأَرَادَ الْوَارِثُ هَدْمَ الْبِنَاءِ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ يُجَابُ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أُجْرَةُ سَكَنِهِ فِيمَا عَمَّرَهُ أَمْ لَا وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ أَخْشَابِهِ وَأَحْجَارِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُجَابُ الْوَارِثُ إلَى هَدْمِ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَلِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَطَلَبَ الْوَارِثُ أَمْ لَا أَخْذُ بِنَائِهِ أَيْ آلَاتِهِ مِنْ حَجَرٍ وَخَشَبٍ وَغَيْرِهِمَا وَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ بِطَلَبِ الْوَارِثِ أَوْ بِغَيْرِ طَلَبِهِ لَزِمَ الْبَائِعَ أَرْشُ نَقْصِ تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مَبْنِيَّةً وَمَقْلُوعَةً وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَوَّقَ بِطِينٍ أَوْ جِبْسٍ فَلِلْوَارِثِ تَكْلِيفُهُ نَزْعَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِنَقْصِهِ عَلَى الْبَائِعِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تِرْكَتِهِ وَأَمَّا لُزُومُهُ أُجْرَةَ مَا سَكَنَهُ فِيمَا عَمَّرَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنُ وَهُوَ أَنَّ مَا بَنَاهُ فِي تِلْكَ الْخَرِبَةِ إنْ كَانَ مِنْ تُرَابِهَا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ جَمِيعُ الْآلَاتِ مِنْهُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الدَّارِ كَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا وَعَلَّمَهُ صَنْعَةً يَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ صَانِعًا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ تُرَابِهَا أَيْ كَأَنْ حَصَّلَ الْآلَاتِ مِنْ خَارِجٍ وَعَمَّرَهَا بِهَا لَزِمَهُ نِصْفُ أُجْرَةِ مِثْلِ الدَّارِ تَغْلِيظًا قَالَ الْقَمُولِيُّ وَفِي هَذَا أَيْ مَا ذَكَرَهُ آخِرًا مِنْ لُزُومِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ قَالَ غَيْرُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ وَافَقَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فَقَالَ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَرْصَةِ اهـ وَهَذَا أَقْوَى مِنْ حَيْثُ الْمُدْرَكُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْقُولُ لِخَفَاءِ وَجْهِهِ وَظُهُورِ وَجْهِ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015