مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ أَجَابُوا عَنْهَا بِأَنَّا لَوْ أَمْهَلْنَا الْحَقَّ لِحُضُورِ الْمُوَكِّلِ وَحَلِفِهِ لَتَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ بِالْوُكَلَاءِ وَهَذَا أَمْرٌ عَامُّ الضَّرَرِ فَلَمْ يَقُولُوا بِهِ لِعُمُومِ ضَرَرِهِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ فِيهَا ضَرَرٌ هُوَ خَاصٌّ عَلَى أَنَّهُ مُتَكَافِئٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ فَعُلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ الْمَنْقُولُ لَهُ وَجْهٌ وَاضِحٌ جَلِيٌّ فَلَا مَسَاغَ لِلْعُدُولِ عَنْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ اشْتَرَاهَا مِنْ وَرَثَةٍ فِي زَمَنِ كَذَا فَادَّعَى خَارِجٌ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَبِيَدِهِ سُرِقَتْ مِنْهُ فِي زَمَنِ كَذَا فَمَنْ تُقَدَّمُ مِنْهُمَا بَيِّنَتُهُ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إنْ ذَكَرَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّ الدَّاخِلَ سَرَقَهَا أَوْ أَنَّهَا سُرِقَتْ مِنْ يَدِ مَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ قُدِّمَتْ الْخَارِجَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَالشَّرَفِ ابْنِ الْمُقْرِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَلَامِذَتِهِ عُمَرَ الْفَتَى وَيُوسُفَ الْمُقْرِي رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَغَيْرِهِمَا قَالُوا وَلَا فَرْقَ بَيْن أَنْ تَذْكُرَ الدَّاخِلَةُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكٍ يَمْلِكُ أَمْ لَا أَيْ فَتُقَدَّمُ الْخَارِجَةُ الذَّاكِرَةُ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِأَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ بِغَيْرِ حَقٍّ قَالُوا لِأَنَّ الدَّاخِلَ صَارَ خَارِجًا وَعَكْسُهُ لِبَيَانِ مُسْتَنَدِ الْيَدِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَدَّمُوا الدَّاخِلَةَ حَيْثُ قَالَتْ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِك يَمْلِكُ لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ لَيْسَتْ عَادِيَةً قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الدَّاخِلَ صَارَ خَارِجًا بِإِثْبَاتِ الْخَارِجِ أَنَّهُ مَسْرُوقٌ مِنْهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْخَارِجَ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الدَّاخِلِ بِإِثْبَاتِ الِانْتِقَالِ مِنْ غَيْر الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَحْنُ فَرَضْنَا الدَّاخِلَ خَارِجًا فَلَا تُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إنْ أَثْبَتَتْ الشِّرَاءَ مِنْ الْخَارِجِ لِأَنَّهُ صَارَ بِإِثْبَاتِ بَيِّنَةِ السَّرِقَةِ هُوَ صَاحِبَ الْيَدِ.
(سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ يُعْلَمُ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنَّهُ وَقْفُ مَسْجِدِ كَذَا فَهَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ شَرْطَ الدَّعْوَى الْجَزْمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سَمَاعِهِ مِنْ جَمْعٍ يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بِوُجُودِ الْوَقْفِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِلْكًا. اهـ. وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ مَا عُلِّلَ بِهِ لَا يَتَأَتَّى إلَّا لَوْ كَانَتْ صِيغَةُ الدَّعْوَى أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ سُمِعَ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنَّهُ وَقْفُ مَسْجِدِ كَذَا فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي لَا تُسْمَعُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ سَمَاعِهِ بِذَلِكَ عِلْمُهُ بِهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ صِيغَةُ الدَّعْوَى مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ أَنَّهُ يُعْلَمُ بِالِاسْتِفَاضَةِ إلَخْ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى حِينَئِذٍ بِلَا شَكٍّ وَيُطَالَبُ بِالْجَوَابِ وَتَكُونُ دَعْوَى حِسْبَةٍ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِمَا هَلْ يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِهِ رَجُلَانِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الْبَرَاءَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْمَالُ فَهُوَ نَظِيرُ ثُبُوتِ الْقَتْلِ الَّذِي لَا يُوجِبُ قَوَدًا بِذَلِكَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقَصْدَ الْمَالُ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمَقْصُودَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِمَا وَيُشْتَرَطُ فِي شَاهِدِهِ تَفْصِيلُهُ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْمَذَاهِبِ بَلْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ كَثُرَ اخْتِلَافُهُمْ فِي حَدِّهِ وَمَا يَثْبُتُ بِهِ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ جُدَادُ النَّخْلَةِ يُورَثُ يَدًا عَلَيْهَا كَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مُجَرَّدُ الْجُدَادِ وَحْدَهُ لَا يُورَثُ يَدًا عَلَى النَّخْلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِيلَاءً عَلَيْهَا كَالْهَدْمِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ تَثْبُتُ الْحُدُودُ بِالِاسْتِفَاضَةِ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ الَّذِي نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاعْتَمَدَهُ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِهَا وَعِبَارَتُهُ الْحُدُود لَا تَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْوُجُودِ أَلَا تَرَى أَنَّ غَاصِبًا لَوْ غَصَبَ دَارًا وَجَاءَ مُدَّعِيهَا لِيَدَّعِيَ بِهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالدَّارِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ الْبَيِّنَةُ لِحُدُودِهَا لَا بِالْإِشَارَةِ وَلَا بِالْعِبَارَةِ فَإِنَّا لَا نَنْزِعُ الدَّارَ مِنْ الْغَاصِبِ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -