الْمَيِّتِ ثَانِيًا بِدَفْعِ تِلْكَ الْحِصَّةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ تِلْكَ الْحِصَّةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ بَيَّنَهَا لَكِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ شَاهِدَانِ كَذَلِكَ حَلَفَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ ثَانِيًا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِجِهَةٍ عَامَّةٍ بِشَيْءٍ فِي أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا وَكَانَ الْمُدَّعِي مُتَلَقِّي ذَلِكَ مِنْ آخَرَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فَهَلْ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَوْ فِيهِ تَفْصِيلٌ كَأَنْ كَانَ فِي أَرْضٍ أَمْدَادٌ مَعْلُومَةٌ فَبَاعَهَا الْوَارِثُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْرًا وَاَلَّذِي إلَى جِهَتِهِ الصَّدَقَةِ قَدْرًا آخَرَ وَلَا بَيِّنَةً؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِأَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ وَإِذَا تَنَازَعَ ذُو الْيَدِ وَغَيْرُهُ فِي قَدْرِ الْمُدَّعَى بِهِ صُدِّقَ ذُو الْيَدِ بِيَمِينِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ تَحْتَ يَدِك رَهْنٌ فِيهَا مِائَةُ أَشْرَافِيٍّ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الرَّاهِنِ وَالرَّاهِنُ قَدْ مَاتَ وَالْمُرْتَهِنُ أَيْضًا قَدْ مَاتَ لَكِنَّ الدَّعْوَى بَيْن وَارِثِ الرَّاهِنِ وَوَارِثِ الْمُرْتَهِنِ فَأَقَامَ وَارِثُ الرَّاهِنِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَقَرَّ عِنْد الْمَوْتِ أَنَّ الْعَيْنَ مَرْهُونَةٌ فَأَقَامَ وَارِثُ الْمُرْتَهِنِ بَيِّنَةً أَنَّ الرَّاهِنَ أَقَرَّ بَعْد مَوْتِ الْمُرْتَهِنِ أَنِّي بِعْتهَا مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ أَعْنِي وَارِثَ الْمُرْتَهِنِ وَأَقَامَ أَيْضًا وَارِثُ الرَّاهِنِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُرْتَهِنَ وَوَارِثَهُ أَقَرَّ أَنَّهَا رَهْنٌ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا لَمْ يَجُزْ فِيهَا بَيْعٌ مِنْ أَحَدٍ فَأَقَامَ أَيْضًا وَارِثُ الْمُرْتَهِنِ بَيِّنَةً أَنَّ وَارِثَ الرَّاهِنِ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهَا هُوَ أَوْ مُورَثُهُ وَأَقَامَ وَارِثُ الرَّاهِنِ أَيْضًا بَيِّنَةً أَنَّ آخِرَ مَجْلِسٍ أَنَّكَ أَقْرَرْتَ أَنَّهَا مَرْهُونَةٌ لَمْ يَجُزْ فِيهَا بَيْعٌ فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُقَدَّمُ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ حَصَلَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ ثُمَّ إنَّهُمْ قَدْ أَقَرُّوا لِمَا يُجِيبُهُمْ فِي الْوَرَقَةِ مِنْ تَقْدِيمِ الْبَيِّنَاتِ فَاكْتُبُوا بِخَطِّكُمْ الشَّرِيفِ جَوَابًا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَإِذَا لَمْ يَلْقَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بَيِّنَةً فَمَا الْحُكْمُ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَقَرَّ عِنْد مَوْتِهِ أَنَّ الْعَيْنَ مَرْهُونَةٌ عُمِلَ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يُفِدْ إقْرَارُ الرَّاهِنِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ بَاعَهَا لَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يُكَذِّبُ الْمُقَرَّ لَهُ الْمُقِرَّ وَهُنَا الْمُرْتَهِنُ لَمَّا أَقَرَّ عِنْد مَوْتِهِ أَنَّهَا مَرْهُونَةٌ عِنْده كَانَ مُكَذِّبًا لِلرَّاهِنِ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ بَاعَهَا لَهُ فَتَبْقَى الْعَيْنُ عَلَى مِلْكِ الرَّهْنِ لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِشَيْءٍ فَكَذَّبَهُ فِيهِ تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَجَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ ظَاهِرًا أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْمَدَارُ فِيهِ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِإِقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ وَبِإِقْرَارِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ بَاعَهُ.
وَأَمَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الرَّاهِنَ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ وَارِثَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ أَنَّ وَارِثَ الرَّاهِنِ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى بِأَنَّ وَارِثَ الْمُرْتَهِنِ أَقَرَّ بِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى رَهْنِيَّتِهَا لَمْ يَجُزْ فِيهَا بَيْعٌ فَإِنْ أَرَّخْتَ الْإِقْرَارَيْنِ وَكَانَ إقْرَارُ الرَّاهِنِ أَوْ وَارِثِهِ مُتَقَدِّمًا كَانَ إقْرَارُ وَارِثِ الْمُرْتَهِنِ الْمَذْكُورِ مُكَذِّبًا لِلرَّاهِنِ أَوْ وَارِثِهِ فَتَبْقَى الْعَيْنُ عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ مُتَأَخِّرًا وَلَمْ يُكَذِّبْهُ وَارِثُ الْمُرْتَهِنِ الْمُقَرُّ لَهُ كَانَتْ الْعَيْنُ مِلْكَهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَاهُ أَوْ أَرَّخَتْ وَاحِدَةٌ وَأَطْلَقَتْ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ وَارِثُ الْمُرْتَهِنِ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْبَيْعِ مَوْجُودًا وَكَذَّبَ الرَّاهِنَ أَوْ وَارِثَهُ فِي إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ لَمْ يُلْتَفَتْ لِلْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِإِقْرَارِهِ بَلْ تَبْقَى الْعَيْنُ رَهِينَتهَا لِمَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فَيَحْلِف مُنْكِرُ الْبَيْعِ عَلَى نَفْسِهِ وَتَبْقَى الْعَيْنُ عَلَى رَهْنِيَّتِهَا أَيْضًا لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ السُّؤَالِ أَنَّ الرَّهِينَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ وَقَعَ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ وَارِثِهِ بَيْعٌ أَوْ لَا وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنَة مِنْ الْجَانِبَيْنِ هَذَا مَا يَتَّجِهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا بِخُصُوصِهَا.
وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأُمِّ الْكَبِيرِ فِي الرَّاهِنِ وَلَوْ قَالَ رَهَنْتُك دَارِي بِأَلْفِ آخُذُهَا مِنْك وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالرَّهْنِ بَلْ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ تَحَالَفَا وَلَمْ تَكُنْ الدَّارُ هُنَا وَكَانَتْ عَلَيْهِ الْأَلْفُ بِلَا رَهْنٍ وَلَا بَيْعٍ لِأَنَّ صُورَةَ هَذَا النَّصِّ غَيْرُ صُورَةِ هَذَا السُّؤَالِ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَإِنْ جَزَمَ