مِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ هَلْ يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ تَفْصِيلُ مَا صُرِفَ فِي ثَمَنِ أَحْجَارٍ وَخَشَبٍ وَأُجْرَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَا صُرِفَ فِي أَحْجَارِ كَذَا وَفِي خَشَبِ كَذَا وَفِي أُجْرَةِ كَذَا وَكَذَا إلَخْ أَوْ يَكْفِي قَوْلُهُمَا أَنَّهُ صُرِفَ فِي عِمَارَةِ هَذِهِ الدَّارِ وَكَذَا وَكَذَا مُبْهَمًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَكْفِي فِي الشَّاهِدَيْنِ بِعِمَارَةِ أَنْ يَقُولَا صُرِفَ فِي الْعِمَارَةِ كَذَا وَإِنْ لَمْ يُفَصِّلَاهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا حُكْمُ كَتْبُ الْوَثَائِقِ لِلذِّمِّيِّينَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ يَجُوزُ كَتْبُ الْوَثَائِقِ لِلذِّمِّيِّينَ لَكِنْ لَا يُعَظَّمُونَ فِيهَا بِأَلْقَابٍ وَلَا بِكُنًى وَلَا بِغَيْرِهِمَا بَلْ يُقَالُ اشْتَرَى مَثَلًا فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ الذِّمِّيِّ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ وَضَعَ خَطَّهُ بِشَهَادَةٍ فِي مَالٍ لِشَخْصٍ آخَرَ وَسَمِعَ شَخْصًا يُشْهِدُ شُهُودًا أَوْ يُثْبِتُ مَالًا عِنْد حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ فِيهِ مِلْكًا وَاسْتِحْقَاقًا هَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَم أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْجَنَّةَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ مُجَرَّدُ الْخَطِّ وَالسُّكُوتِ مَعَ حُضُورِ مَا ذُكِرَ لَا يُبْطِلُ حَقَّهُ مِمَّا تَبَيَّنَ لَهُ فَلَهُ الدَّعْوَى بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُؤَالًا صُورَتُهُ سَبَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشُّهُودَ فَهَلْ يُعَزَّرُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُعَزَّرُ إنْ سَبَّهُمْ بِالْكَذِبِ وَنَحْوه لِائْتِمَانِ الشَّارِعِ لَهُمْ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُهُمْ إذَا سَبَّ الشُّهُودَ زَجْرَهُ الْقَاضِي ثُمَّ هَدَّدَهُ ثُمَّ عَزَّرَهُ أَمَّا سَبُّهُمْ بِذِكْرِ مُفَسِّقٍ كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ زِنًا فَلَا يُعَزَّرُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَغِيبُ أَوْ تُنْسَى مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ بِهِ السَّبُّ بَلْ دَفْعُ الْحُجَّةِ قِيلَ وَيُعَزَّرُ عَلَى تَفْسِيقِهِمْ بَعْد الْحُكْمِ لِأَنَّهُ سَبٌّ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الشَّارِعُ. اهـ.

وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ بَلْ حَيْثُ أَرَادَ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ بِهِ لَمْ يُعَزَّرْ عَلَيْهِ لِقَبُولِهَا بِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ مَسْأَلَةٍ اخْتَلَفَ فِيهَا فُقَهَاءُ زَبِيدَ وَهِيَ إذَا سَبَقَ لِسَانُ الشَّاهِدِ بَيْنَ يَدَيَّ الْقَاضِي إلَى خِلَافِ التَّارِيخِ بِأَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعمِائَةِ فَقَالَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْغَلَطِ إلَى الصَّوَابِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَادِحًا فِي شَهَادَتِهِ أَوْ لَا بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا لَا عَدِمَكُمْ الْمُسْلِمُونَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَادِحًا فِي شَهَادَتِهِ حَيْثُ تَدَارَكَهَا فَوْرًا أَوْ بَعْد نَوْعِ مُهْلَةٍ وَلَمْ يَحْصُلْ لِلْقَاضِي نَوْعُ رِيبَةٍ فِي شَهَادَتِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ كُلِّهِ كَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ فَمَنْ بَعْدِهِمْ مِنْهُمْ الْقَاضِي حُسَيْن - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ إذَا ادَّعَى عَيْنًا وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مِلْكَهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا مِلْكَهُ وَرِثَهَا مِنْ أُمِّهِ فَالْأَظْهَر أَنَّهَا شَهَادَةٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا يُحْكَمُ بِهَا وَقِيلَ تُقْبَلُ وَيَقْضِي بِهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَصْلِ الْمِلْك وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ زَائِدٍ فَلَوْ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا بَعْد ذَلِكَ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَشَهِدَا بِأَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ مَثَلًا أَوْ شَهِدَا بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا قَالَ يُنْظَرُ إنْ وَقَعَ لِلْقَاضِي رِيبَةٌ كَمَا إذَا أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ قُبِلَ وَقُضِيَ بِهِ قَالَ شَارِحُ الْأَنْوَارِ.

وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهَا شَهَادَةٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا يُحْكَمُ بِهَا وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى قَبُولُ الشَّهَادَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا فِي الْحَالَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا وَهُمَا إذَا تَدَارَكَ ذَلِكَ فَوْرًا لِأَنَّ تَدَارُكَهُ فَوْرًا قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ جِدًّا عَلَى سَبْقِ لِسَانِهِ أَوْ بَعْدَ مُهْلَةٍ قُبِلَ الْحُكْمُ وَلَمْ يَقَع لِلْقَاضِي رِيبَةٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ لَهُ رِيبَةٌ فِيهِ وَمِنْهُمْ الْقَفَّالُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ أَيْضًا لَوْ ذَكَر حُدُودًا فَشَهِدُوا لَهُ بِهَا ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ لَيْسَتْ بِهَذِهِ الْحُدُودِ وَسَأَلَ الشُّهُودَ فَإِنْ قَالُوا غَلِطْنَا نُظِرَ فَإِنْ بَيَّنُوا وَجْهَ غَلَطِهِمْ بِأَنَّا رَأَيْنَا تِلْكَ الدَّارَ الَّتِي بِجَنْبِهِ بِيَدِ فُلَانٍ فَظَنَنَّا أَنَّهَا مِلْكُهُ فَحَدَّدْنَا هَذِهِ الدَّارَ بِتِلْكَ وَكَانَ مِثْله مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فَإِنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمْ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُعِيدُوا الشَّهَادَةَ مَرَّةً أُخْرَى وَلَا يُحْكَمُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ أَوَّلًا. اهـ.

فَانْظُرْ قَوْلَهُ وَكَانَ مِثْلُهُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَإِطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ النَّقْل عَنْهُمْ أَنَّهُمْ إذَا أَخْطَئُوا فِي حَدٍّ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ كَمَا عَلِمْت لِأَنَّ النَّقْلَ إنْ كَانَ عَنْ فَتَاوِيه فَوَاضِحٌ إذْ الَّذِي فِيهَا هُوَ هَذَا التَّفْصِيلُ أَوْ عَنْ غَيْرِهَا فَالْغَالِبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015