رُجْحَانِيَّتِهِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ فَسَاغَ الْعَمَلُ بِمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ مِلْكٍ لِيَتِيمٍ اُحْتِيجَ لِبَيْعِهِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ ثُمَّ بَاعَهُ الْقَيِّمُ وَحُكِمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ اسْتِنَادًا لِلْبَيِّنَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِأَنَّ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ مِائَتَانِ فَهَلْ يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَيُحْكَمُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بَعْدَ التَّمَهُّلِ أَيَّامًا بِأَنَّهُ يُنْقَضُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ بِنَاءً عَلَى الْبَيِّنَةِ السَّالِمَةِ عَنْ الْمُعَارَضَةِ بِبَيِّنَةٍ مِثْلِهَا أَوْ أَرْجَحَ وَقَدْ بَانَ خِلَافُ ذَلِكَ وَتَبَيَّنَ اسْتِنَادُ مَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ إلَى حَالَةِ الْحُكْمِ فَهُوَ كَمَا قَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ لِلْخَارِجِ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ بِبَيِّنَةٍ فَانْتُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهُ ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ اسْتِنَادُ مَانِعٍ إلَى حَالَةِ الْحُكْمِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُتَعَارِضٌ وَلَا مُرَجِّحَ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا يُفْتِي بِهِ الْمُفْتُونَ هَلْ يُقَالُ إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَوَاءٌ أَعُلِمَ كَوْنُهُ مَنْصُوصًا لَهُ أَمْ لَا يُقَالُ ذَلِكَ إلَّا فِيمَا عُلِمَ نَصُّهُ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي حُكْمٍ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إلَّا إنْ عُلِمَ كَوْنُهُ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ أَوْ كَوْنُهُ مُخَرَّجًا مِنْ نُصُوصِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي نِسْبَةِ الْمُخَرَّجِ إلَيْهِ فَقَدْ قَالَ التَّقِيُّ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْحَلَبِيَّةِ.
وَأَمَّا مَنْ سُئِلَ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيُجِيبُ مُصَرِّحًا بِإِضَافَتِهِ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ مَنْصُوصًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا مُخَرَّجًا مِنْ مَنْصُوصَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ بَلْ اخْتَلَفُوا فِيمَا هُوَ مُخَرَّجٌ هَلْ يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا فِي الْقَوْلِ الْمُخَرَّجِ وَأَمَّا الْوَجْهُ فَلَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ نَعَمْ هُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ أَوْ مِنْ مَذْهَبِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ وَالْمُفْتِي يُفْتِي بِهِ إذَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا فِي مَنْصُوصٍ لَهُ قَالَ بِهِ أَصْحَابُهُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ بِخِلَافِ مَا خَرَّجُوا عَنْهُ بِتَأْوِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ تَجَنُّبَهُمْ لَهُ يَدُلُّ عَلَى رِيبَةٍ فِي نِسْبَتِهِ إلَيْهِ وَمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَقَالُوا لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ يَسُوغُ تَقْلِيدُهُمْ فِيهِ وَلَكِنْ لَا يُطْلَقُ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَلْ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مَنْصُوصٌ أَوْ لَا سَهُلَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ اتِّفَاقِهِمْ أَنَّهُ قَالَ بِهِ. اهـ. مُلَخَّصًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْقَاضِي بِنَاحِيَةٍ هَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي الْبِحَارِ وَالْبَرَارِي الَّتِي يَتَرَدَّدُونَ فِيهَا مِنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إلَيْهَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ قَالَ ابْنُ كَبَّنَ الْقِيَاسُ نُفُوذُهُ فِي سَوَاحِلِ مَحَلِّ حُكْمِهِ وَجَزَائِرِهِ لَا فِي سَفَرِهِ وَبَحْرِهِ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُؤَالًا صُورَتُهُ ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لِابْنِي الطِّفْلِ أَوْ لِمَسْجِدِ كَذَا أَوْ وَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ فَنَكَلَ فَهَلْ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَيَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْعَيْنَ لَهُ وَبُحِثَ إلْحَاقُ مَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ بِهَا.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ لِآخَرَ وَلَّيْتُك الْقَضَاءَ وَنَوَيَا مَحَلًّا مُعَيَّنًا فَهَلْ يَكْفِي؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ التَّعْيِينُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوِلَايَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ تَحْصُلُ بِالْكِنَايَةِ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ تُؤَثِّرُ فِيهِ النِّيَّةُ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وِلَايَةُ ذَلِكَ الْمَوْلَى مَقْصُورَةً عَلَى بَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ فِي أَثْنَائِهَا فَجَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ لِشَافِعِيٍّ وَادَّعَى عَلَى وَرَثَةِ الْمُؤَجِّرِ أَنَّ مُؤَجِّرَهُمْ أَجَّرَهُ كَمَا ذَكَرَ وَهُمْ يَمْنَعُونَهُ اسْتِيفَاءَ مَا بَقِيَ مِنْ سَنَتِهِ فَأَنْكَرُوا فَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ بِذَلِكَ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْحُكْمَ لَهُ بِلُزُومِ الْإِجَارَةِ فَهَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ لِأَنَّ بَاقِيَ الْمُدَّةِ انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُ مَنْفَعَتِهَا لَوْلَا الْإِجَارَةُ إلَى الْوَارِثِ وَهُوَ مُنْكِرٌ اسْتِحْقَاقَ الْمُسْتَأْجِرِ لِذَلِكَ