الصُّوَرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ وَالتَّمْهِيدَاتِ وَالْمَسَائِلِ الْمُشْكِلَاتِ.
وَقَدْ غَلَّطَ الْأَصْحَابُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فِي كَثِيرٍ مِنْهَا وَاهْتَمُّوا بِهَا حَتَّى صَنَّفَ الدَّارِمِيُّ فِيهَا مُجَلَّدَةً ضَخْمَةً لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ وَتَصْوِيرُهَا وَتَحْقِيقُ أُصُولِهَا وَاسْتِدْرَاكَاتٌ كَثِيرَةٌ اسْتَدْرَكَهَا هُوَ عَلَى الْأَصْحَابِ.
وَقَدْ كُنْتُ اخْتَصَرْتُ مَقَاصِدَ تِلْكَ الْمُجَلَّدَةِ فِي نَحْوِ خَمْسِ كَرَارِيسَ وَيَنْبَغِي لِلنَّاظِرِ فِيهَا أَنْ يَعْتَنِيَ بِحِفْظِ ضَوَابِطِهَا وَأُصُولِهَا فَيَسْهُلُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ جَمِيعُ مَا يَرَاهُ مِنْ صُوَرِهَا اهـ مُلَخَّصًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ أَفْرَدَ هَذَا الْبَابَ بِالْكِتَابَةِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَا وَيَبْسُطُ فِيهَا وَلَوْ أَدْنَى بَسْطٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا مُعْظَمُهُ وَأَشْكَلُهُ وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَتْ أَيْضًا مُحَيِّرَةً بِكَسْرِ الْيَاءِ؛ لِأَنَّهَا حَيَّرَتْ الْفَقِيهَ فِي أَمْرِهَا.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) هَذِهِ أَصَحُّ الطُّرُقِ وَأَشْهُرُهَا وَقَطَعَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا جَمْعٌ فَالطُّرُقُ ثَلَاثَةٌ.
(قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا إلَخْ) زَعَمَ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ فَلَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِ وَلَا عَمَلَ (قَوْلُهُ: فَمِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ الشَّرْعِيَّةَ هِيَ الْأَهِلَّةُ وَعُلِّلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُزَيَّفٌ مَرْدُودٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ بَعْدَ أَنَّ عَلَّلَهُ بِذَلِكَ.
قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ مُزَيَّفٌ لَا أَصْلَ لَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ مَتَى أَطْلَقْنَا الشَّهْرَ فِي الْمُسْتَحَاضَاتِ أَرَدْنَا بِهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا سَوَاءٌ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ أَوَّلِ الْهِلَالِ أَمْ لَا وَلَا يَعْنِي بِهِ الشَّهْرَ الْهِلَالِيَّ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: الْوَطْءُ وَنَحْوُهُ) أَيْ: وَإِنْ وَصَلَتْ لِسِنِّ الْيَأْسِ خِلَافًا لِأَبِي شُكَيْل؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفِي احْتِمَالَ الْحَيْضِ الَّذِي الْأَصْلُ بَقَاؤُهُ (قَوْلُهُ: وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) أَيْ: وَإِنْ خَافَتْ النِّسْيَانَ؛ لِأَنَّهُ يَنْدَفِعُ بِإِجْرَائِهَا عَلَى قَلْبِهَا وَبِالنَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ لَهَا الْقِرَاءَةُ خَوْفَ النِّسْيَانِ. (قَوْلُهُ: لِجَمَاعَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ: وَلِفِعْلِهَا فِيهِ وَلَوْ مُنْفَرِدَةً أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّاشِيِّ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) مَمْنُوعٌ بَلْ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا بَيَّنْتُهُ، ثُمَّ (قَوْلُهُ: أَيْ: قَضَاءُ صَلَاةٍ مُبْهَمَةٍ لِكُلِّ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا) هَذَا عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِهِمْ إنْ كَانَتْ تُصَلِّي أَوَّلَ الْوَقْتِ دَائِمًا لَمْ يَلْزَمْهَا لِكُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَّا صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ لَمْ تُصَلِّ أَوَّلَهُ كَذَلِكَ لَزِمَهَا لِكُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ وَوَجَّهُوا ذَلِكَ بِمَا هُوَ مَشْهُورٌ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ دَمِهَا) أَيْ: أَوَّلُ حَيْضِهَا.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ عَرَفَتْ قَدْرَهَا وَجَهِلَتْ وَقْتَهَا بِالْكُلِّيَّةِ) . يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: عَقِبَهُ مَكَثَتْ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ قَدْرَ الْعَادَةِ لِأَنَّهَا إذَا عَرَفَتْ أَوَّلَ الدَّمِ أَيْ: الْحَيْضِ لَمْ تَجْهَلْ الْوَقْتَ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ تَكُونُ حَافِظَةً لِلْقَدْرِ وَالْوَقْتِ فَلَا تَكُونُ مِنْ أَقْسَامِ الْمُتَحَيِّرَةِ وَالْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ وَجَهِلَتْ وَقْتَهَا بِالْكُلِّيَّةِ أَنَّهُ أَرَادَ بِأَوَّلِ الدَّمِ مَعْرِفَتَهَا بِأَوَّلِ طُرُوِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّهُ حَيْضٌ، أَوْ لَا لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسَادُ الْحُكْمِ الَّذِي رَتَّبَهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ لَمْ تَجْهَلْ الْوَقْتَ بِالْكُلِّيَّةِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ هُنَا إذَا ذَكَرَتْ الْقَدْرَ دُونَ الْوَقْتِ فَمَا تَيَقَّنَتْهُ مِنْ حَيْضٍ فَلَهُ حُكْمُهُ، أَوْ طُهْرٍ فَلَهُ حُكْمُ الِاسْتِحَاضَةِ. وَمَا شَكَّتْ فِيهِ تَكُونُ فِيهِ كَالْمُتَحَيِّرَةِ فَتُجْعَلُ فِي الْعِبَادَاتِ كَطَاهِرٍ وَفِي نَحْوِ الِاسْتِمْتَاعِ كَحَائِضٍ وَإِنَّمَا تَخْرُجُ عَنْ التَّحَيُّرِ الْمُطْلَقِ بِحِفْظِ قَدْرِ الدَّوْرِ وَأَوَّلِهِ فَإِنْ قَالَتْ كَانَ حَيْضِي أَكْثَرَهُ وَأَضْلَلْته فِي دَوْرِي وَلَمْ تَعْرِفْ غَيْرَ هَذَا أَوْ كَانَ حَيْضِي أَكْثَرَهُ، وَأَوَّلُ دَوْرِي يَوْمُ كَذَا وَلَمْ تَعْرِفْ قَدْرَ دَوْرِهَا فَهِيَ فِيهَا مُتَحَيِّرَةٌ وَنَازَعَ الْقُونَوِيُّ فِي الثَّانِيَةِ بِامْتِنَاعِ احْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ فِيهَا قَبْلَ مُضِيِّ قَدْرِ الْحَيْضِ مِنْ ابْتِدَاءِ مَا عَيَّنَتْهُ، أَوْ قَالَتْ كَانَ حَيْضِي خَمْسَةً مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ وَلَمْ تَعْرِفْ ابْتِدَاءً وَلَا انْتِهَاءً وَلَا فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ الشَّهْرِ فَمُتَحَيِّرَةٌ كَذَلِكَ إلَّا فِي الصِّيَامِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ. فَإِنْ ذَكَرَتْ قَدْرَ الدَّوْرِ وَأَوَّلَهُ فَقَدْ يَحْصُلُ يَقِينُ حَيْضٍ وَيَقِينُ طُهْرٍ وَشَكٌّ يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ وَشَكٌّ لَا يَحْتَمِلُهُ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لَهَا يَقِينُهُمَا وَقَدْ يَحْصُلُ يَقِينُ طُهْرٍ لَا حَيْضٍ وَيَسْتَحِيلُ عَكْسُهُ وَبَسْطُ ذَلِكَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَإِنْ لَمْ تَدْرِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ كَالْمُتَحَيِّرَةِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ التَّحَيُّرِ الْمُطْلَقِ إلَّا إذَا عَرَفَتْ قَدْرَ الدَّوْرِ وَأَوَّلَهُ.
وَأَمَّا مَعْرِفَةُ مُطْلَقِ أَوَّلِ الدَّمِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ أَنَّهُ حَيْضٌ وَقَدْرُ الْعَادَةِ يُفِيدُهَا شَيْئًا فَإِنْ قُلْتَ هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُفِيدَهَا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ.