شَائِبَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ فِيهَا تِلْكَ الشَّائِبَةُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ عِلْمِهِ قَطْعًا لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمُعَاوَضَةِ وَغَلِطَ مِنْ أَجْرَى الْقَوْلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْمَدِينِ هُنَا وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي فَهُوَ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ وَعِبَارَتِي فِي الْمُخْتَصَرِ الْمَذْكُورِ إذَا قَالَتْ بَذَلْت صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي أَوْ بِطَلَاقِي فَطَلَّقَ بِهِ وَقَبِلَتْ بَانَتْ لِأَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَ بِعِوَضٍ ثُمَّ إنْ عَلِمَا قَدْرَ الْمَهْرِ وَوُجِدَتْ شُرُوطُهُ السَّابِقَةُ وَأَرَادَتْ بِبَذْلِهِ الْإِبْرَاء مِنْهُ بَرِئَ مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ وَلَزِمَهَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ إذَا قَالَتْ بَذَلْت صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي فَطَلَّقَ وَقَعَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا الزَّوْجُ.

فَلَا فَرْقَ بَيْن أَنْ تَقُولَ بَذَلْت لَك أَوْ بَذَلْت وَفِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَذَلْتُ كَأَجَزْتُ ثُمَّ رَأَيْتنِي أَفْتَيْت فِيمَا لَوْ قَالَتْ بَذَلْت صَدَاقِي عَلَى صِحَّةِ طَلَاقِي فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ فَهَلْ تَطْلُقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا أَوْ لَا تَطْلُقُ فَقُلْت أَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتِلْمِيذُهُ الرَّدَّادُ وَالطَّيِّبُ النَّاشِرِيّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تَطْلُقُ بَائِنًا وَقَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ وَإِسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِمَا إنْ أَرَادَ اسْتِئْنَافَ الْبَرَاءَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا طَلُقَتْ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِذَا قُلْنَا تَطْلُقُ فَهَلْ تَطْلُقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فِيهَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الثَّالِثَةِ فَهُوَ أَنَّ الَّذِي يُتَّجَهُ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ وَلِيَّةُ نَفْسِك أَوْ وَلِيَّةُ النِّسَاءِ بِنَفْسِك أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَوَاضِحٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْأُولَى لِأَنَّهَا إذَا وَلِيَتْ النِّسَاءَ بِسَبَبِ اسْتِقْلَالِهَا بِنَفْسِهَا كَانَتْ وَلِيَّةُ نَفْسِهَا.

وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مِنْ الْكِنَايَاتِ أَنْتِ وَشَأْنُك وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ ذَيْنِك أَبْلَغُ فِي الْإِشْعَارِ بِالِاسْتِقْلَالِ مِنْ هَذَا فَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ تَعْلِيقَهُ عَلَى إبْرَائِهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَجَعْلَهُ فِي مُقَابَلَتِهِ قُبِلَ مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ وَتَوَقَّفَ عَلَى جَوَابِهَا فَإِنْ أَجَابَتْهُ وَقَدْ كَانَتْ أَوَّلًا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ تُجِبْهُ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ أَجَابَتْهُ وَلَمْ تَكُنْ أَوَّلًا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً فَإِنْ أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ وَلَمْ يُرِدْ التَّعْلِيقَ الْمَذْكُورَ فَإِنْ كَانَتْ أَبْرَأَتْهُ أَوَّلًا بَرَاءَةً صَحِيحَةً وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَمَا بَيَّنَهُ الْوَلِيُّ أَبُو زُرْعَةَ فِي فَتَاوِيه فِي نَظِيرِ ذَلِكَ وَأَطَالَ فِيهِ وَمِنْ جُمْلَتِهِ قَوْلُهُ وَهُوَ لَوْ صُرِّحَ هُنَا بِالتَّعْلِيقِ عَلَى الْإِبْرَاءِ الْمُتَقَدِّمِ فَقَالَ عَلَّقْت طَلَاقَك عَلَى الْإِبْرَاءِ الصَّادِرِ مِنْك لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقًا بَلْ تَنْجِيزًا مُعَلَّلًا بِالْإِبْرَاءِ الْمُتَقَدِّمِ إذْ كَيْف يَصِحّ التَّعْلِيقُ عَلَى الْمَاضِي وَفَارَقَ هَذَا مَا لَوْ خَالَعَهَا بِمَهْرِهَا بَعْد أَنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا جَزْمًا عِنْد الْجَهْلِ وَعَلَى خِلَافٍ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ ثَمَّ خَالَعَ عَلَى نَفْسِ الْمَهْرِ فَقَدْ طَلَّقَ بِعِوَضٍ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ثُبُوتُهُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّته فَهُوَ كَخُلْعٍ فَاسِدٍ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلْبَيْنُونَةِ وَإِنْ عَلِمَا الْفَسَادُ وَهُنَا لَمْ يَجْعَلْ الْمَهْرَ عِوَضًا وَإِنَّمَا جَعَلَ الْبَرَاءَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ وَذَلِكَ لَا يَجْعَلُهُ طَلَاقًا بِعِوَضٍ بَلْ هُوَ تَبَرُّعٌ حَمَلَهُ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ إبْرَائِهَا. اهـ.

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَبْرَأَتْهُ أَوَّلًا بَرَاءَةً صَحِيحَةً لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَنْجِيزَ الطَّلَاقِ فِي مُقَابَلَةِ مَا صَدَرَ مِنْهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِنْ فَسَدَ الْإِبْرَاء لِأَنَّهُ مُجَرَّدٌ لَمْ يُعَلِّق فَيَلْغُو قَوْله عَلَى تَمَام الْبَرَاءَة بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْصِد تَعْلِيقًا وَلَا تَنْجِيزًا فَإِنَّ الظَّاهِر حَمْلُهُ عَلَى التَّعْلِيق فَلَا يَقَع شَيْء عِنْد عَدَم صِحَّة الْإِبْرَاء وَلَا سَبِيل لِلْوُقُوعِ هُنَا بَائِنًا بَعْد صُدُور إبْرَائِهَا صَحِيحًا إذَا لَا عِوَض حِينَئِذٍ تَحْقِيقِيّ وَلَا تَقْدِيرِيٍّ يَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى تَمَامِ الْبَرَاءَةِ وَقَدْ كَانَتْ أَبْرَأَتْهُ قُبَيْلَ التَّعْلِيقِ مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى الْأَصْبَحِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقُ عَلَى تَمَامِ الْبَرَاءَةِ مِثْلُ قَوْلِهِ إنْ أَبْرَأْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا كَانَ مِثْلَهُ فَيَأْتِي فِيهِ حُكْمُهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ أَبْرَأَتْهُ فَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِالْبَرَاءَةِ فَلَا وُقُوعَ وَإِنْ تَلَفَّظَتْ بِهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ مُنْشَؤُهُمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْبَرَاءَةِ بَرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ أَمْ مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا وُقُوعَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَى الضَّعِيفِ يَقَعُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ عَلَى مُجَرَّدِ التَّلَفُّظِ بِالْبَرَاءَةِ وَإِلَّا وَقَعَ جَزْمًا وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَفْتَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْوُقُوعِ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَتْ أَمَةٌ لِزَوْجِهَا سَيِّدِي أَذِنَ لِي أَنْ أَخْتَلِعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015