إِلَى فلَان تَجِدُونَ جماعته فِي بعض الطَّرِيق أرسلهم إِلَى بلد بِكَذَا فردوهم مَعكُمْ إِلَيْهِ ثمَّ قُولُوا لَهُ يسلم عَلَيْك الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَيَقُول لَك أَنْت فِي الدركات وَمن هُوَ فِي الدركات لَا يرى من هُوَ فِي الحضرة وَمن هُوَ فِي الحضرة لَا يرى من فِي المخدع وَأَنا فِي المخدع أَدخل وَأخرج من بَاب السِّرّ حَيْثُ لَا تراني بإمارة إِن خرجت لَك الخلعة الْفُلَانِيَّة فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ على يَدي خرجت لَك وَهِي خلعة الرِّضَا وبإمارة خُرُوج التشريف الْفُلَانِيّ فِي اللَّيْلَة الْفُلَانِيَّة لَك على يَدي خرج وَهُوَ تشريف الْفَتْح وبإمارة أَن خلع عَلَيْك فِي الدركات بِمحضر اثْنَي عشر ألف ولي وَهِي خلعة الْولَايَة وَهِي فرجية خضراء طرازها سُورَة الْإِخْلَاص على يَدي خرجت لَك فَانْتَهوا فوجدوا جمَاعَة ذَلِك الشَّيْخ فردوهم ثمَّ أَخْبرُوهُ بِمَا ذكره الشَّيْخ عبد الْقَادِر فَقَالَ صدق وَهُوَ صَاحب الْوَقْت والتصريف وَوَقع للشَّيْخ أبي الْغَيْث بن جميل أَن قَاطع طَرِيق جَاءَهُ بحب وَآخر بثور فَأمر بطبخ ذَلِك وَأكله فَامْتنعَ الْفُقَهَاء من أكل ذَلِك فَبعد أَن أكل الْفُقَرَاء ذَلِك جَاءَهُ شخص قَالَ كنت نذرت لفقرائك بحب وَجَاء آخر وَقَالَ كنت نذرت لَهُم بثور فَأخذ القطاع الْحبّ والثور وَكَانَ الشَّيْخ أمره بإبقاء رَأس الثور فَأخْرجهُ لصَاحبه فَعرفهُ فندم الْفُقَهَاء على مُخَالفَة الشَّيْخ وأمثال ذَلِك من الْأَوْلِيَاء لَا تحصى وَيَكْفِي دَلِيلا قَوْله - صلى الله عليه وسلم - فِي الْخَبَر الصَّحِيح إِن فِي أمتِي 2 ملهمون أَو محدثون وَمِنْهُم عمر وَقَوله - صلى الله عليه وسلم - اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله ووقف نَصْرَانِيّ على الْجُنَيْد رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ يتَكَلَّم فِي الْجَامِع على النَّاس فَقَالَ أَيهَا الشَّيْخ مَا معنى حَدِيث اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَأَطْرَقَ الْجُنَيْد ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ أسلم فقد جَاءَ وَقت إسلامك فَأسلم الْغُلَام وَسُئِلَ بَعضهم عَن الفراسة فَقَالَ أَرْوَاح تتقلب فِي الملكوت فتشرف على مَعَاني الغيوب فَتَنْطِق عَن أسرار الْخلق نطق مُشَاهدَة وعيان لَا نطق ظن وحسبان وَلَا يُنَافِي مَا تقرر من اطلَاع الْأَوْلِيَاء على بعض الغيوب الْآيَتَانِ المذكورتان فِي السُّؤَال بِنَاء على أَن الِاسْتِثْنَاء فِي الثَّانِيَة مُنْقَطع وَهُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ الْمُعْتَزلَة وَاسْتَدَلُّوا بِهِ على نفي كرامات الْأَوْلِيَاء جهلا مِنْهُم أَن لَا يدل عَلَيْهَا أَو على خُصُوص علمهمْ بجزئيات من الْغَيْب لَا هَذِه الْآيَة إِن جعلنَا الِاسْتِثْنَاء فِيهَا مُنْقَطِعًا وَوجه عدم الْمُنَافَاة أَن علم الْأَنْبِيَاء والأولياء إِنَّمَا هُوَ بإعلام من الله لَهُم وَعلمنَا بذلك إِنَّمَا هُوَ بإعلامهم لنا وَهَذَا غير علم الله تَعَالَى الَّذِي تفرد بِهِ وَهُوَ صفة من صِفَاته الْقَدِيمَة الأزلية الدائمة الأبدية المنزهة عَن التَّغَيُّر وسمات الْحُدُوث وَالنَّقْص والمشاركة والانقسام بل هُوَ علم وَاحِد علم بِهِ جَمِيع المعلومات كلياتها وجزئياتها مَا كَانَ مِنْهَا وَمَا يكون أَو يجوز أَن يكون لَيْسَ بضروري وَلَا كسبي وَلَا حَادث بِخِلَاف علم سَائِر الْخلق إِذا تقرر ذَلِك فَعلم الله الْمَذْكُور هُوَ الَّذِي تمدح بِهِ وَأخْبر فِي الْآيَتَيْنِ المذكورتين بِأَنَّهُ لَا يُشَارِكهُ فِيهِ أحد فَلَا يعلم الْغَيْب إِلَّا هُوَ وَمن سواهُ إِن علمُوا جزئيات مِنْهُ فَهُوَ بإعلامه واطلاعه لَهُم وَحِينَئِذٍ لَا يُطلق أَنهم يعلمُونَ الْغَيْب إِذْ لَا صفة لَهُم يقتدرون بهَا على الِاسْتِقْلَال بِعِلْمِهِ وَأَيْضًا هم مَا علمُوا وَإِنَّمَا علمُوا وَأَيْضًا هم مَا علمُوا غيبا مُطلقًا لِأَن من أعلم بِشَيْء مِنْهُ يُشَارِكهُ فِيهِ الْمَلَائِكَة ونظراؤه مِمَّن اطلع ثمَّ أَعْلَام الله تَعَالَى للأنبياء والأولياء بِبَعْض الغيوب مُمكن لَا يسْتَلْزم محالا بِوَجْه فإنكار وُقُوعه عناد وَمن البداهة أَنه لَا يُؤَدِّي إِلَى مشاركتهم لَهُ تَعَالَى فِيمَا تفرد بِهِ من الْعلم الَّذِي تمدح بِهِ واتصف بِهِ فِي الْأَزَل وَمَا لَا يزَال وَمَا ذَكرْنَاهُ فِي الْآيَة صرح بِهِ النَّوَوِيّ رَحمَه الله فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ مَعْنَاهَا لَا يعلم ذَلِك اسْتِقْلَالا وَعلم إحاطة بِكُل المعلومات إِلَّا الله وَأما المعجزات والكرامات فبإعلام الله لَهُم علمت وَكَذَا مَا علم بإجراء الْعَادة انْتهى كَلَامه (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ بِمَا لَفظه مَا الَّذِي يُجَاب بِهِ عَمَّا وَقع من شطحات الْأَوْلِيَاء كَقَوْل أبي يزِيد سبحاني مَا فِي الْجُبَّة غير الله وَقَول الحلاج أَنا الْحق وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يخفى من كلماتهم وإشاراتهم الَّتِي ظَاهرهَا انتقاد وباطنها حق إِلَّا عِنْد أهل المقت والعناد (فَأجَاب) بقوله مَا وَقع لَهُم رضوَان الله عَلَيْهِم من الشطحات للأئمة الْعلمَاء العارفين الْحُكَمَاء الَّذين حماهم الله بالسلامة من حرمَان الْإِنْكَار وَمن عَلَيْهِم بالاعتقاد فِي أوليائه وَحمل مَا صدر عَنْهُم على أحسن المحامل وأقومها عَنْهَا أجوبة مسكتة وتحقيقات مبهتة لَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا إِلَّا الموفقون وَلَا يعرض عَنْهَا إِلَّا المخذولون فاحذر أَن تكون مِمَّن يتحسى كأس سم الْإِنْكَار فَيهْلك لوقته وبادر إِلَى السَّلامَة من غضب الله ومحاربته ومقته فقد قَالَ على لِسَان الصَّادِق المصدوق من عَاد لي وليا فقد آذنته بِالْحَرْبِ أَي أعلمته أَنِّي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015