وقال عوف بن عطيّة بن الخرع: «1»
تمنّت طيّىء جهلا وجبنا ... وقد خاليتهم فأبوا خلائى «2»
هجونى أن هجرت جبال سلمى ... كضرب الثّور للبقر الظماء
ويدخل فى هذا الباب قصة صحر «3» التى يضرب بها المثل، وهى صحر بنت لقمان بن عاد، وكان لقمان تزوّج عدّة نساء كلّهن قد خانته فى نفسه، فقتلهنّ، فلما قتل أخراهن ونزل من الجبل كانت صحر ابنته أوّل من لقيه، فقتلها، وقال: وأنت أيضا امرأة، فضرب بها المثل، قال خفاف بن ندبة «4» :
وعبّاس يدبّ لى المنايا ... وما أذنبت إلّا ذنب صحر
وقال عروة بن أذينة «5» :
أتجعل تهياما بليلى إذا نأت ... وهجرا لها ظلما كما ظلمت صحر
قد ذكرنا من هذا الباب صدرا نخاف على قارئه الملال إن أطلناه، ونحذر من ضجر يلحقه إن أسهبنا فيه، ويكفى من القلادة ما أحاط بالعنق. ونعود إلى الأخبار، والأشعار يشبه بعضها بعضا، وبالله التوفيق.
يروى أن معاوية بن أبى سفيان كان أكثر الناس حلما، وأوسعهم عفوا، وأشدّهم إغضاء عمّن نابذه، وأحسنهم احتمالا لمن عازّه وعانده.