لاخَيْرَ فيه غير أَنَّ له غِنىً ... وأنَّ له كَشْحاً إذا قام أَهْضَمَا
تَظَلُّ نِساءُ الحَيِّ يَعْكُفْنَ حَوْلَه ... يَقُلْنَ عَسِيبٌ من سَرارَةِ مَلْهَمَا
له شَرْبَتان بالعَشِيِّ وشَرْبةٌ ... من اللَّيْلِ حتى آضَ جِبْساً مُوَرِّما
كأنَّ السِّلاح فوقَ شُعْبَةِ بانَةٍ ... تَرَى نَفَخاً وَرْدَ الأَسِرَّةِ أَصْحَما
ويَشْرَبُ حتَّى يَغْمُرَ المَحْضُ قَلْبَه ... وإنْ أُعْطَهُ أترك لقلبِيَ مَجْثَما
قال: فلما قال ذلك، قال عبد عمرو: ما قال لك شرٌ مما قال لي. ثم أنشده:
لَيْتَ لنا مَكَانَ المَلْك عَمْروٍ
فقال عمرو: ما أُصدقك عليه. وقد صدقه ولكنه خاف أن يُنذره وتُدركه الرَّحِم. فمكث غير كثير. ثم دعا المتلّمس وطرفة فقال: لعلكما قد اشتقتما إلى أهلكما وسرّكما أن تنصرفا. قالا: نعم. فكتب لهما إلى عامله على هَجَر أن يقتلهُما. وأخبرهما أنه كتب لهما بحِباءٍ ومعروف. وأعطى كل واحد منهما شيئاً فخرجا. وكان المتلمّس قد أسنَّ. فمرا بنهر الحيرة على غلمان يلعبون. فقال المتلمّس: هل لك في أن تنظر في كتابينا فإن كان فيهما خيرٌ مضينا له وإن كان شراً ألقيناهما؟ فأبى عليه طرفة. فأعطى المتلمّس كتابه بعض الغلمان فقرأه عليه، فإذا فيه السَوءة فألقى كتابه في الماء. وقال لطرفة: أطعني وألقِ كتابك، فأبى طرفة، ومضى بكتابه إلى العامل فقتله. ومضى المتلمس حتى لحق بملوك بني جفنة بالشام. فقال المتلمس في ذلك: