فهمّوا بقتله ثم تركوه. ففارقهم حين انشعب له طريق أهله فأتى أمه فأخبرها الخبر فقالت: ما جاءني بك من بين إخوتك؟ فقال: لو خيّرك القوم لاخترت. فأرسلها مثلاً. ثم إن أمه عطفت عليه ورقّت له. فقال الناس: أحبّت أم بَيْهَس بيهساً ورقّت له. فقال بَيْهَس: ثُكلٌ أرْأَمَها ولداً. فأرسلها مثلاً. ثم جعلت تعطيه ثياب إخوته يلبسها ومتاعهم. فقال: يا حبذا التراث لولا الذلّة. فأرسلها مثلاً. ثم إنه مرّ بنسوة من قومه يُصلحن امرأةً منهن يُردن أن يُهدينها لبعض القوم الذين قتلوا إخوته، فكشف ثوبه عن استه وغطى به رأسه. فقلن: ويحك أي شيء تصنع؟ قال:
الْبَسْ لكلّ حالةٍ لَبُوسَها ... إِمَّا نَعِيمَها وإِمِّا بُوسَها
فأرسلها مثلاً. فلما أتى على ذلك ما شاء الله جعل يتتبع قَتَلَة إخوته ويتفصّاهم حتى قتل منهم ناساً، فقال بَيْهَس:
يا لهَا نَفْساً لَهَا ... أَنَّى لها الطُّعْمُ والسَّلاَمَهْ
قد قَتَّلَ القومُ إخوتِي ... بكلِّ وادٍ زُقاءُ هامَهْ
فَلأَطْرُقَنَّهُمُ نِياماً ... ولأَبْرُكَنَّ بِركَةَ النَّعامَهْ
قَبْضَةَ رِجلٍ وبَسْط أُخرَى ... والسَّيْفَ أقْدَمْتُهُ أمامَهْ
ثم أخبر ناساً من أشجع في غارٍ يشربون فيه، فانطلق بخالٍ له يُكنى أبا حشرٍ، حتى إذا قام على باب الغار دغع أبا حشرٍ في الغار. فقال: ضرباً أبا حشرٍ. فقال بعضهم: إن أبا حشرٍ لَبطل. فقال أبو حشرٍ: مُكرهٌ أخوك لا بطل. فأرسلها مثلاً. فقال المتلمّس: