اصل الفتك: أن يأتي الرجل رجلاً غاراً لا يعلم أنه يريد قتله فيقتله. وكذلك إذا كمن له في موضع لا يعلم به ليلاً أو نهاراً فإذا وجد غرته قتله. ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "قيد الإيمان الفتك، لا يفتك مؤمن". ثم كثر استعمالهم إياه حتى صار الإقدام على الأمور العظام فتكاً. ومن ذلك قول خوَّاتٍ صاحب ذات النحيين:
فشدَّتْ على النحيين كفّاً شحيحةً ... على سَمنها والفتكُ من فعلاتي
ولم يقتلها. والقتل ثلاثة أنواع: الفتك، وقد مر وصفه. والغيلة: وهو أن يخدع الرجل الإنسان حتى يصير إلى موضعٍ يستخفى له ثم يقتله. والغدر: وهو أن يعطيه الأمان ثم يقتله.
أول من قال ذلك عاصم بن المقعر الضبي، وكان أخوه أبيدة علق امرأة الخنيفس بن خشرم الشيباني، وكان الخنيفس أغير أهل زمانه وأشجعهم. وكان أبيدة عزيزاً منيعاً. فبلغ الخنيفس أن أبيدة قد مضى إلى امرأته، فركب الخنيفس فرسه وأخذ رمحه وانطلق يرصد أبيدة. فأقبل أبيدة راجعاً إلى قومه قد قضى حاجته وهو يقول: