قال الفرّاء: الأُخْذة السِّحر. ومنه قولهم في يده أُخذة أي حيلة يَسحَر بها.
أول من قال ذلك الحارث بن ظالم. وذلك أن خالد بن جعفر بن كلاب لما قَتَل زهير بن جَذيمة بن رواحة العبسي ضاقت به الأرض، وعلم أن غَطَفان غير تاركته، فخرج حتى أتى النعمان فاستجار به فأجاره، ومعه أخوه عتبة بن جعفر. وهض قيس بن زهير فاستَعدَّ لمحاربة بني عامر. وهجم الشتاء، فقال الحارث بن ظالم: يا قيس أنتم أعلَمكُم وحَربَكُم، فإني راحل إلى خالد حتى أقتله. فقال له قيس: يا حارث قد أجاره النعمان. فقال الحارث: لأَقتلنَّهُ ولو كان في حَجرِه. وكان النعمان قد ضرب على خالد وأخيه قبَّة وأمرهما بحضور طعامه ونِدامه. فأقبل الحارث ومعه تابع له من بني محارب، فأتى باب النعمان فاستأذن فأذِن له النعمان وفرِح به. فدخل الحارث وكان من أحسن الناس حديثاً وأعلمهم بأيام العرب. فأقبل النعمام عليه بوجهه وحديثه، وبين يديه تمرٌ يأكلون منه. فلما رأى خالد إقبال النعمان على الحارث غاظه، فقال: يا أبا ليلى ألا تشكُرني؟ فقال: فيم ذا؟ قال: قتلتُ زهيراً فصِرتَ بعده سيد غطفان. وفي يد الحارث تمرات فاضطربت يده وجعل يُرعِد ويقول: أأنت قتلته. والتمر يسقط من يده. ونظر النعمان إلى ما به من الزَّمَع، فنخص خالداً بقضيبه وقال: هذا يقتُلك. فافترق القوم، وبقي الحارث عند النعمان. وأشرج خالد قُبَّتَه عليه وعلى