فَاَصْبَحَ يَرْمِي الخَافِقَيْن بِطَرْفِه ... وأَصْبَحَ تَحْتي ذُو أفانِينَ جُرْشُعُ
أَبَرَّ على الجُرْدِ العَناجِيج كُلِّها ... فَلَيْس ولو أَقحَمتَهُ الوَعْرَ يَخشَعُ
أول من قال ذلك مُعاذ بن صِم الخُزاعي، وكانت أمّهُ من عكّ وكان فارس خُزاعة. وكان يُكثر زيارة أخواله فاستفاد منهم فرساً وأتى به قومه. فقال له رجل من قومه، يقال له جُحَيْش بن سَوْدة، وكان عدواً: أتُسابقني على أنه من سبق صاحبه أخذ فرسه؟ فسابقه معاذ وأخذ فرس جحيش. وأراد أن يغيظه فطعن أيْطَل الفرس بالسيف. فسقط فقال جُحيش: لا أُمّ لك، قتلت فرساً خيراً منك ومِن والديك. فرفع معاذ السيف فضرب مفرِقع فقتله. ثم لحق بأخواله. وبلغ الحيّ ما صنَع. فركب أخٌ لجُحيش وابن عم له فلحقاه، فشدّ على أحدهما فطعنه فقتله، وشدّ على الآخر فضربه بالسيف فقتله، وقال في ذلك:
ضَرَبْتُ جُحَيْشاً ضَرْبَةً لا لَئِمَةً ... ولكن بصافٍ ذِي طَرائِقَ مُسْتَكِّ
قَتَلْتُ جُحَيْشاً بعد قَتْلِ جَوادِه ... وكنتُ قَدِيماً في الحوادث ذَا فَتكِ
قَصدتُ لعَمْروٍ بعد بَدْرٍ بضَرْبَةٍ ... فخَرَّ صريعاً مثل عاتِرَةِ النُّسْكِ
لكَيْ يَعْلَمَ الأقوامُ أَنِّيَ صَارِمٌ ... خُزَاعَةُ أَجْدادِي وأَنْمِي إلَى عَكِّ