ص: ويُمْتَنَعُ تدَاخُلُ الأَجسَامِ.
ش: معنَى تدَاخُلِ الأَجسَامِ وُجُودُ جَوْهَرٍ تَحْتَ وُجُودِهِ جوَاهِرُ أُخَرُ، ولم يخَالِفْ/ (254/ب/م) فِي ذَلِكَ إِلاَّ النَّظَّامُ فَقَالَ: اللَّوْنُ وَالطَعْمُ وَالرَائحةُ كُلٌّ مِنْهَا جسمٌ لَطِيفٌ، فَإِذَا تدَاخَلَتْ هذه الأَجسَامُ اللّطيفةُ حَصَلَ مِنْ مجموعِهَا جسمٌ كَثِيفٌ.
وقَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي حديثِ إِرسَالِ المَلَكِ إِلَى الرَّحِمِ؛ لِيَنْفُخَ فِيهِ الرُّوحَ: وهذَا يَرُدُّ علَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الجَوْهَرَ لاَ يدخلُ فِي جوهرٍ؛ لأَنَّ الْمَلَكَ جَوْهَرٌ، ويَدْخُلُ فِي الرَّحِمِ لِيُصَوِّرَ، وَالرَّحِمُ جوهرٌ، ولاَ يَشْعُرُ صَاحبُه بِهِ.
قُلْتُ: قَدْ يُقَالَ: إِنَّمَا دَخَلَ جوهرُ الْمَلَكِ فِي فضَاءِ الرّحِمِ، فلم يَلْزَمْ مِنْهُ تدَاخلُ الأَجسَامِ، وإِنَّمَا هو دخولُ مظروفٍ فِي ظَرْفٍ كَدُخُولِ الإِنسَانِ بيتًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ص: وخُلُوُّ الْجَوْهَرِ عَنْ جَمِيعِ الأَعرَاضِ.
ش: مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ خُلُوِّ جَوْهَرٍ َعَنْ عَرَضٍ مِنَ الأَعرَاضِ، بَلْ يَلْزَمُ قِيَامُ عَرَضٍ بِهِ، وخَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الفلاَسفةِ؛ لِقولِهم بِقِدَمِ الجوَاهرِ وحُدُوثِ الأَعرَاضِ.
ص: وَالجوهرُ غَيْرُ مُرَكَّبٍ مِنَ الأَعرَاضِ.
ش: هذه مقَالةُ الجُمْهُورِ، وحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ لو تَرَكَّبَ مِنْهَا لمَا قَامَتْ بِهِ، لكنَّهَا قَائمةٌ بِهِ، أَمَّا الأُولَى فلِأَنَّهُ لو قَامَتِ الأَعرَاضُ بِالجوهرِ لكَانَتْ قَائمةً بِالعرضِ، وهو مُحَالٌ، وأَمَّا الثَّانِيةُ فَلِلِاَتفَاقِ علَى أَنَّ الجَوْهَرَ يصِحُّ اتِّصَافُه بِالحيَاةِ وَالعِلْمِ وَالقُدْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَعَرْاضِ، وخَالَفَ فِي ذَلِكَ النَّظَّامُ وَالنَّجَارُ فقَالا: إِنَّ الجوَاهرَ