ثَانِيهَا: مَعْرِفَةُ تفَاريعِ الفِقْهِ، فإِنَّهَا بِنَتِيجَةِ الاجتهَادِ، فلو شُرِطَتْ فِيهِ لَزِمَ الدّورُ، وصحَّحَ ابْنُ الصّلاَحِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي المُفْتَى، الذي يتأَدَى بِهِ فرضُ الكفَايةِ؛ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ إِدراكُ أَحكَامِ الوقَائعِ عَنِ القربِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ كثيرٍ+ وإِن/ (174/ب/د) لَمْ يُشْتَرَط ذَلِكَ فِي المُجْتَهِدِ المُسْتَقِلِّ، وهو معنَى قَوْلِ الغَزَالِيِّ: إِنَّمَا يحصُلُ الاجْتِهَادُ فِي زمَانِنَا بممَارسةِ الفقهِ، فهو طريقُ تحصيلِ الدُّرْبَةِ فِي هذَا الزّمَانِ ولم تكنِ الطّريقُ فِي زمنِ الصحَابةِ رضِي اللَّه عَنْهُم ذلك.

ثَالِثُهَا: لاَ تُعْتَبُر الذّكورةُ ولاَ الحريَّةُ، فقد يَكُونُ المُجْتَهِدُ امرأَةً وعبدًا.

وفِي اشْتِرَاطِ العدَالةِ خِلَاَفٌ، الأَصحُّ عدمُ اشْتِرَاطِهَا، فِيأَخُذُ الفَاسِقُ بَاجتهَادِ نفسِهِ.

قَالَ الشَّارِحُ: ومقَابِلُه قَوْلُ الغَزَالِيِّ: إِنهَا شَرْطٌ لجوَازِ الاعتمَادِ علَى قَوْلِه.

قُلْتُ: فَلاَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ خلاَفٌ؛ لأَنَّ الفَاسِقَ لاَ يُعْتَمَدُ قَوْلُه اتفَاقًا، فَلاَ يُخْتَصُّ ذَلِكَ بِالغَزَالِيِّ فقبولُ الفتوَى أَخصُّ مِنَ الاجتهَادِ، لاعتبَارِ العدَالةِ فِيهِ، وَالحُكْمُ أَخصُّ من ذَلِكَ لاعتبَارِ الذُّكُورِيَّةِ وَالحُرِّيَّةِ فِيه.

ص: وَلْيَبْحَثْ عَنِ المعَارضِ وَاللفظِ/ (216/أَ/م) هَلْ مَعَهُ قرينةٌ.

ش: من شُرُوط ِالاجْتِهَادِ البحثُ عَنِ المعَارضِ، فَيَبْحَثُ فِي العَامِّ هَلْ لَهُ مُخَصَّصٌ وفِي المُطْلَقِ هَلْ لَهُ مُقَيَّدٌ، وفِي النَّصِّ هَلْ لَهُ نَاسِخٌ، وهكذَا، وتَبِعَ فِيهِ المُصَنِّفُ (المَحْصُولَ) وَغَيْرَه.

قَالَ الشَّارِحُ: وهو لاَ يُخَالِفُ مَا سَبَقَ مِنْهُم فِي بَابِ التّخصيصِ أَنَّهُ يَجُوزُ التّمسُّكُ بِالعَامِّ قَبْلَ البحثِ عَنِ المُخَصَّصِ لأَنَّ ذَلِكَ فِي جَوَازِ التّمَسُّكِ بِالظَّاهِرِ المُجَرَّدِ عَنِ القرَائنِ، وَالكلاَمُ هُنَا فِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ المُعَارِضِ، أَي: بَعْدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015