ثَالِثُهَا: معرفةُ أَسبَابِ النزولِ فِي آيَاتِ الأَحكَامِ؛ لِيَعْلَمَ البَاعثَ علَى الحُكْمِ، وَقَدْ يَقْتَضِي التّخصيصُ بِهِ أَو يَفْهَمُ بِهِ معنَاه.
رَابِعُهَا: مَعْرِفَةُ شرطِ المتوَاترِ وَالآحَادِ؛ لِيُقَدِّمَ الأَوْلَى/ (215/ب/م) عِنْدَ التّعَارُضِ.
خَامِسُهَا: أَنْ يُمَيِّزَ الأَحَاديثَ الصَّحِيحَةَ مِنَ الضّعيفةِح لِيَحْتَجَّ بِالصَّحِيحِ وَيَطْرَحَ الضَّعِيفَ.
سَادِسُهَا: معرفةُ حَالِ الرّوَاةِ فِي القُوَّةِ وَالضعفِ، لِيُمَيِّزَ المقبولَ مِنَ المردودِ، وهذَا قَدْ يُسْتَغْنَي عَنْهُ بِالذي قبلَه.
وأَشَارَ المُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (ويَكْفِي فِي زمَانِنَا الرجوعُ إِلَى أَئمَّةِ ذلك) إِلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَالغَزَالِيِّ وَغَيْرِهمَا: وَيُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ علَى قَوْلِ أَئمَّةِ الحديثِ كأَحْمَدَ وَالبخَاريِّ ومسلِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وأَبي دَاوُدَ ونحوِه؛ لأَنَّهم أَهْلُ المعرفةِ بذلكِ، فجَازَ الأخذُ بِقَوْلِهِم كَمَا نأَخُذُ بقولِ المُقَوِّمِينَ فِي القِيَمِ.
سَابِعُهَا: مَعْرِفَةُ سِيَرِ الصّحَابةِ، وَلَيْسَ المُرَادُ بِذَلِكَ توَاريخُهم وتفصيلُ وقَائِعهم، وإِنَّمَا المُرَادُ أَحكَامُهم وفتَاوِيهم.
وفِي هذَا نَظَرٌ فمعرفتُه بمسَائلِ الإِجمَاعِ وَالخِلاَفِ يُغْنِي عَن ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ص: ولاَ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الكلاَمِ وتفَاريعُ الفِقْهِ وَالذكورةُ وَالحُرِّيَّةُ وكذَا العدَالةُ علَى الأَصحِّ.
ش: ذَكَرَ فِي هذه الجُمْلَةِ أُمُورًا لاَ تُشْتَرَطُ فِي الاجتهَادِ:
أَحَدُهَا: معرفةُ عِلْمِ الكلَامِ، قَالَهُ الأُصُولِيُّونَ.
وقَالَ الرَّافعِيُّ: عدَّ الأَصحَابُ مِنْ شُرُوطِ الاجْتِهَادِ مَعْرِفَةُ أَصولِ العقَائدِ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وعندي أَنَّهُ يَكْفِي اعتقَادٌ جَازِمٌ، ولاَ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا علَى طريقِ المُتَكَلِّمِينَ وبأَدلَّتِهِمْ التي يُحْرِزُونَهَا.