قَالَ الشَّارِحُ: لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي الأَولَى: (لاَ يُخَصُّ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلُه حُجَّةٌ أَمْ لاَ) ـ فِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقٍ وَغَيْرَه قَالُوا هنَاك: إِنْ قُلْنَا: لَيْسَ بِحُجَّةٍ امْتَنَعَ التّخصيصُ بِهِ قَطْعًا.
وإِنْ قُلْنَا: حُجَّةٌ، فَفِي التّخصيصِ بِهِ وَجْهَانِ.
القولُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ حُجَّةٌ إِنْ انْتَشَرَ ولَمْ يُخَالِفِ القِيَاسَ وإِلاَّ فلاَ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي القديمِ.
وَحَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي (العُدَّةِ) عَنِ الجَدِيدِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ عُثْمَانَ فِي الجَدِيدِ فِي مسأَلةِ البَرَاءَةِ مِنَ العيوبِ؛ لأَنَّ مذهبَه أَنَّهُ إِذَا انْتَشَرَ ولَمْ يَظْهَرْ لَهُ مُخَالِفٌ كَانَ حُجَّةً، وقَالَ/ (163/أَ/د) الغَزَالِيُّ: السُّكُوتُ لَيْسَ بِقولٍ؛ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَنْتَشِرَ أَمْ لاَ؟!
قَالَ الصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ: وَالعَجَبُ تَمَسُّكُهُ بِمِثْلِ هذَا الإِجمَاعِ عَلَى حُجِّيَّةِ خَبَرِ الوَاحِدِ وَالقِيَاسُ.
الرَابِعُ: أَنَّهُ إِنْ خَالفَ القِيَاسَ فهو حُجَّةٌ، وإِلاَّ فلاَ.
قَالَ ابْنُ بَرْهَانَ فِي (الْوَجِيزِ) إِنَّهُ الحقُّ البَيِّنُ، وإِنَّ نُصُوصَ الشَّافِعِيِّ تَدُلُّ عَلَيْهِ.
الخَامِسُ: أَنَّهُ حُجَّةٌ إِنْ انْضَمَّ إِلَيْهِ قِيَاسُ التَّقْرِيبِ، حَكَاهُ المَاوَرْدِيُّ قَوْلاً لِلشَّافِعِيِّ.
السَّادِسُ: أَنَّ قَوْلَ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ- رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا- حُجَّةٌ دُونَ غيرِهمَا.
السَّابِعُ: قَوْلُ الخُلَفَاءِ الأَربعةِ حُجَّةٌ دُونَ غيرِهم.