أَو لَمْ يَكُنْ الظَّاهِرُ مستندًا إِلَى غَلَبَةٍ، فإِنْ أُسْنِدَ الظَّاهِرُ إِلَى غَلَبَةِ قُدِّمَ علَى الأَصْلِ.

الخَامِسُ: أَنَّهُ إِنَّمَا يُقَدَّمُ الظَّاهِرُ الغَالِبُ علَى الأَصْلِ إِذَا كَانَ لَهُ سَبَبٌ كَمَا لو رأَى مِنْ بعدُ ظَبْيَةٍ تَبُولُ فِي مَاءٍ كثيرٍ ثُمَّ قُرِّبَ إِلَيْهِ فَوَجَدَه متغيِّرًا، فإِنَّا نَحْكُمُ بنجَاسَتِهِ إِحَالةً علَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ، نصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وتَابعَه الأَصحَابُ إِعمَالاً للسبَبِ الظَّاهِرِ.

السَّادِسُ: الفَرْقُ فِي هذه الصُّورَةِ بَيْنَ أَنْ يَعْهَدَهُ/ (197/أَ/م) عَن قُرْبٍ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ فَيَعْمَلُ بِالسبَبِ المذكورِ، وَبَيْنَ أَنْ لاَ يَكُونَ له بِهِ عَهْدٌ أَو يَعْهَدُه مِنْ زمنٍ بعيدٍ، فِيُعْمَلُ بَاستصحَابِ الأَصْلِ، قَالَهُ القفَّالُ وَالجُرْجَانِيُّ المَعْرُوفُ بِالحُسَيْنِ، كلاَهمَا فِي (شرحِ التّلخيصِ).

وقَالَ المُصَنِّفُ: إِنَّهُ الحقُّ.

الرَابعةُ: استصحَابُ حَالِ الإِجمَاعِ فِي مَوْضِعِ الخِلاَفِ، بأَنْ يَجْمَعُوا علَى حُكْمٍ فِي حَالٍ، فَيَتَغَيَّرُ الحَالُ، ويقَعُ الخِلاَفُ، فَالأَكثرونَ علَى أَنَّهُ لاَ يستصْحِبُ حَالَ الإِجمَاعِ.

وقَالَ بَاستصحَابِهِ مِنْ أَصحَابِنَا المُزَنِيِّ وأَبُو بَكْرٍ الصّيرفِيُّ وَابْنُ سُرَيْجٍ وَذَهَبَ إِلَيْهِ الآمِدِيُّ.

ومثَالَه إِذَا رأَى المُتَيَّمِّمُ المَاءَ أَثنَاءَ الصّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ صلاَتُه، لِانْعِقَادِ الإِجمَاعِ علَى صِحَّةِ صلاَتِهِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ، فَيَسْتَصْحِبُ الصحَّةُ بعدَهَا، حتَّى يقومَ دَلِيلٌ علَى أَنَّ الرّؤيةَ قَاطِعَةٌ.

إِذَا تقرَّرَ ذَلِكَ، فَالاستصحَابُ ثُبُوتُ أَمرٍ فِي الزّمنِ الثَّانِي لثُبُوتِه فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ لانتفَاءِ مَا يصلُحُ أَنْ يتغيَّرَ بِهِ الحُكْمُ بعدَ البَحْثِ التَّامِّ.

فأَمَا عكسُه وهو ثُبُوتُهُ فِي الأَوَّلِ لثُبُوتِهِ فِي الثَّانِي فهو الاستصحَابُ المعكوسُ أَو المَقْلُوبُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: ولم يَقُلْ الأَصحَابُ بِهِ، إِلا فِي مسأَلةٍ وَاحدةٍ فِيمَنِ اشْتَرَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015