الثَانِيَةُ: اسْتِصْحَابُ مقتضَى العمومِ أَو النَّصِّ إِلَى أَنْ يَرِدَ المُخَصَّصِ أَو النَّاسِخِ.
وقَالَ ابنُ السَّمْعَانِيُّ: لاَ يُسَمَّى هذَا استصحَابًا، لأَنَّ ثُبُوتَ الحُكْم فِيهِ بِاللفظِ.
الثَالثةُ: اسْتِصْحَابُ حُكْمٍ دلَّ الشَّرْعُ علَى ثُبُوتِهِ لوجودِ سببِه، كَالمُلْكِ إِذَا حصَلَ سبَبُهُ وشُغْلِ الذِّمَّةِ عَن فرضٍ أَو إِتلاَفٍ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ وقَارُهُ، لَمْ يَخْتَلِفْ أَصحَابُنَا فِي العَمَلِ بِالاستصحَابِ فِي هذه/ (159/ب/د) الصُّوَرِ الثّلاَثِ، وفِي الصُّورَةِ الثَّالثةِ عِنْدَ غيرِنَا مَذَاهِبُ أُخَرْ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا، حُكِيَ عَن بَعْضِ المُتَكَلِّمِينَ، وعَزَاهُ الإِمَامُ لِلْحَنَفِيَّةِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ حُجَّةٌ لإِبقَاءِ مَا كَانَ علَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لإِثبَاتِ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ، ولهذَا كَانَ المَفْقُودُ لاَ يَرِثُ لانتفَاءِ مُلْكِهِ لمَالِ مُوَرِّثِهِ قَبْلَ هذه الحَالةِ، وَالأَصْلُ دوَامُهُ، ولاَ يُوَرَّثُ لإِبقَاءِ مَا كَانَ علَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وهذَا هو الموجودُ فِي كُتُبِ الحَنَفِيَّةِ.
ويشهدُ لَهُ مَسَائِلُ فِي مَذْهَبِنَا وهو معنَى قَوْلِ المُصَنِّفِ: ((وَقِيلَ: فِي الدَّفْعِ دُونَ الرَّفْعِ))؛
أَي: أَنَّهُ حُجَّةٌ فِي الدَّفْعِ دُونَ الرَّفْعِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ حجَّةٌ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يُعَارِضُهُ ظَاهرٌ، فإِنَّ عَارضُه ظَاهرٌ عمَلَ بِالظَّاهِرِ سَوَاءً كَانَ الظَّاهِرُ مستندًا إِلَى غَلَبةٍ أَمْ لاَ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ للشَّافِعِيِّ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ فِي تعَارُضِ الأَصْلِ وَالظَاهرِ أَيُّهَمَا يُقَدَّمُ.
الرَابِعُ: أَنَّهُ حُجَّةٌ إِن لَمْ يُعَارِضْهُ ظَاهرٌ مُسْتَنِدٌ إِلَى غَلَبَةٍ، سَوَاءٌ انْتَفَى المعَارِضُ