كَتَعْلِيلِ إِبَاحَةِ قَتْلِ زَيْدٍ بِرِدَّتِهِ، وعَمْرٍو بِالقِصَاصِ، وخَالدٍ بِالزِّنَا بَعْدَ إِحْصَانٍ، وَمَحَلُّ الخِلاَفِ أَيضًا فِي العِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ فَيُمْتَنَعُ فِي العِلَلِ العَقْلِيَّة قَطْعًا.
ص: وَالمُخْتَارُ وُقُوعُ حُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ إِثْبَاتًا، كَالسَّرِقَةِ لِلْقَطْعِ وَالغُرْمِ، ونَفْيًا كَالحَيْضِ للصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ وَغَيْرِهِمَا، وثَالِثُهَا: إِنْ لَمْ يَتَضَادَّا.
ش: هَلْ يَجُوزُ تَعْلِيلُ حُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ؟
فِيه مَذَاهِبُ:
الصَّحِيحُ جَوَازُهُ سَوَاءَ أَكَانَ فِي الإِثْبَاتِ كَالسَّرِقَةِ فإِنَّهَا عِلَّةٌ للقَطْعِ زَجْرًا للسَّارِقِ حتَّى لاَ يَعُودَ، ولِغَيْرِه حتَّى لاَ يَقَعَ فِيهَا، ولِلتَّغْرِيمِ جَبْرًا لِصَاحِبِ المَالِ ـ أَمْ فِي النَّفْيِ كَالحَيْضِ يُنَاسِبُ المَنْعَ مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَحْكَامِ كَالطَّوَافِ وقِرَاءَةِ القُرْآنِ وَمَسِّ المُصْحَفِ وَحَمْلِه.
الثَّانِي: المَنْعُ مُطْلَقًا.
الثَّالِثُ: الجَوَازُ إِنْ لَمْ يَتَضَادَّا كَالحَيْضِ لِتَحْرِيمِ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، وَالمَنْعُ/ (163/أَ/م) إِنْ تضَادَّا كأَنْ يَكُونَ مُبْطِلاً لِبَعْضِ العُقُودِ مُصَحِّحًا لِبَعْضِهَا كَالتَّأْبِيدِ يُصَحِّحُ البَيْعَ ويُبْطِلُ الإِجَارَةَ.
ص: ومِنْهَا أَنْ لاَ يَكُونَ ثُبُوتُهَا مُتَأَخِّرًا عَنْ ثُبُوتِ حُكْمِ الأَصْلِ خِلاَفًا لِقَوْمٍ.
ش: قَوْلُه (ومنهَا) أَي ومِنْ شُرُوطِ العِلَّةِ أَنْ لاَ يَكُونَ ثُبُوتُهَا مُتَأَخِّرًا عَنْ ثُبُوتِ حُكْمِ الأَصْلِ، بَلْ يُقَارِنُه، كَقَوْلِنَا (133/ب/د) فِي عَرَقِ الكَلْبِ: هو عَرَقُ حَيَوَانٍ نَجِسٍ فَيَكُونُ نَجِسًا كَلُعَابِه، فيَمْنَعُ كَوْنَ عَرَقِه نَجِسًا، فَيُقَالَ: لأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ، فإِن اسْتِقْذَارَه إِنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَ الحُكْمِ بِنَجَاسَتِه خِلاَفًا لِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ، فإِنَّهُم لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ، حَكَاهُ القَاضِي عَبْدُ الوَهَّابِ.