ش: اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ تَعْلِيلِ/ (133/أَ/د) الحُكْمِ الوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ فأَكْثَرَ، علَى أَقوَالٍ:
أَحَدُهَا ـ وَبِهِ قَالَ الجُمْهُورُ ـ: جَوَازُهُ وَوُقُوعُهُ كَاللَّمْسِ وَالمَسِّ وَالبَوْلِ يَثْبُتُ الحَدَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا.
الثَّانِي: المَنْعُ مُطْلَقًا أَي عَقْلاً وشَرْعًا فِي المَنْصُوصَةِ وَالمُسْتَنْبَطَةِ، وَاختَارَهُ الآمِدِيُّ وَحَكَاهُ (162/ب/م) عَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ وإِمَامِ الحَرَمَيْنِ، وَصَحَّحَهُ المُصَنِّفُ، وعَلَّلَه بأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهِ المُحَالُ، وهو أَنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا مُؤَثِّرٌ فِي الحُكْمِ، وَغَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِتَأْثِيرِ الآخَرِ، ففِيه الجَمْعُ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، ولاَ يَخْفَى أَنَّ هذَا مَبْنِيٌّ علَى أَنَّ العِلَّةَ مُؤَثِّرَةٌ، فإِنْ قُلنَا: إِنَّهَا مُعَرَّفَةٌ، انْتَفَى ذلك.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ فِي المَنْصُوصَةِ دُونَ المُسْتَنْبَطَةِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ وَاخْتَارَه الغَزَالِيُّ وَالإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وأَتْبَاعُه.
الرَابِعُ: جَوَازُهُ عَقْلاً ومَنْعُه شَرْعًا مُطْلَقًا، أَي فِي المَنْصُوصَةِ وَالمُسْتَنْبَطَةِ، وَبِهِ قَالَ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ، كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الحَاجِبِ، وهو المَوْجُودُ فِي (البُرْهَانِ) له، وقَالَ الصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ: إِنَّهُ الأَشْهَرُ عَنْهُ يَعْنِي بِخِلاَفِ نَقْلِ الآمِدِيِّ.
الخَامِسُ: أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِعِلَّتَيْنِ مُتُعَاقِبَتَينِ أَي إِحْدَاهُمَا فِي وقْتٍ، وَالأُخْرَى فِي وَقْتٍ، ولاَ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِهِمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ.
وفِي إِدْخَالِ المُصَنِّفِ المَتَعَاقِبَتَينِ فِي مَحَلِّ الخِلاَفِ رَدٌّ علَى ابْنِ الحَاجِبِ، فإِنَّ كَلاَمَه يَقْتَضِي أَنَّ مَحَلَّ الخِلاَفِ فِي حَالَةِ المَعِيَّةِ وأَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ التَّعَاقُبِ قَطْعًا.
تَنْبِيهٌ:
مَحَلُّ الخِلاَفِ فِي الوَاحِدِ بِالشَّخْصِ، أَمَّا الوَاحِدُ بِالنَّوْعِ المُخْتَلِفِ شَخْصًا فَيَجُوزُ تَعَدُّدُ العِلَلِ فِيهِ بِالاتِّفَاقِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الآمِدِيُّ وَالصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا،