قَالَ الصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ: وَالحقُّ الجوَازُ، إِنْ أُرِيدَ بِالعِلَّةِ المُعَرَّفَ، فإِن أُرِيدَ بِهَا المُوجِبُ أَو البَاعثُ فلاَ.

ص: وَمِنْهَا أَن لاَ تَعُودَ علَى الأَصْلِ بِالإِبطَالِ، وفِي عَوْدِهَا بِالتَّخْصِيصِ لاَ التَّعْمِيمِ قَوْلاَنِ.

ش: ومن شُرُوطِ العِلَّةِ أَن لاَ تَعُودَ علَى الأَصْلِ بِالإِبطَالِ لأَنَّهَا فَرْعُه وَالفَرْعُ لاَ يُبْطِلُ أَصْلَه، إِذ لوْ أَبْطَلَ أَصْلَه لأَبْطَلَ نَفْسَه.

ومَثَّلَه أَصحَابُنَا بتَجْوِيزِ الحَنَفِيَّةِ إِخرَاجَ القِيمَةِ، اسْتِنْبَاطًا مِنْ قَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((فِي أَرْبَعِينَ شَاةٍ شَاةٌ)) أَنَّ المَعْنَى فِي ذَلِكَ دَفْعَ حَاجَةِ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ وهي تَنْدَفِعُ بِالقِيمَةِ، فجَوَّزُوا إِخرَاجَ القِيَمِ.

وَقَدْ يقَالَ: إِنَّمَا تَعُودُ بِالإِبطَالِ لوْ مَنَعُوا إِخرَاجَ الشَّاةِ، لكنَّا نقولُ: قَد أَبْطَلُوا تَعَيُّنَهَا، وَالمأُمُورُ لاَ يَخْرُجُ عَنِ العُهْدَةِ إِلا بِامْتِثَالِ المَأْمُورِ بِهِ.

ولَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: مَا الفَرْقُ بَيْنَ هذَا وَبَيْنَ تَجْوِيزِكُمُ الاسْتِنْجَاءَ بِكُلِّ جَامِدٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ، اسْتِنْبَاطًا من أَمْرِه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فِي الاسْتِنْجَاءِ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، فإِنَّكُم أَبْطَلْتُم هذَا التَّوْسِيعَ تَعَيُّنُ الأَحْجَارِ المَأْمُورِ بِهَا؟

لكنَّا نَقُولُ: إِنَّمَا فَهِمنَا إِبطَالَ تَعَيُّنِهَا من قَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بَعْدَ أَمْرِه بِالاسْتِنْجَاءِ بثلاَثةِ أَحْجَارٍ: ((ولاَ نَسْتَنْجِي بِرَجِيعٍ ولاَ عَظْمٍ)) فَدَلَّ علَى أَنَّهُ أَرَادَ أَوَّلاً الأَحْجَارَ ومَا فِي مَعْنَاهَا وإِلاَّ لَمْ يكُنْ للنَّهْيِ عَنِ الرَّجِيعِ وَالعَظْمِ وَقْعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وهل يُشْتَرَطُ فِي العِلَّةِ أَن لاَ تَعُودَ علَى أَصْلِهَا بِالتَّخْصِيصِ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015