أربع وأربعين ومائة وألف. وكنت مع ذلك في أثناء هذه المدة التي أقمت فيها بمدينة فاس أقرأ الطلبة وأدرس لهم في الفقه وغيره فكنت أقرئهم ألفية ابن مالك مرارا مرة بالمدرسة المصباحية لأني كنت ساكنا فيها في أكثر المدة التي أقمتها بمدينة فاس ومرة في جامع القرويين قراءة بحث وتحقيق وأقرأتهم الأجرومية مرارا وأقرأتهم أيضا أرجوزة في السلم في المنطق مرارا قراءة بحث وتحقيق مع التعرض لكثير مما وقع لشارحه سيدي سعيد قدورة حتى قيدوا على تقييدات نفيسة في ذلك وأقرأتهم أيضا مختصر الشيخ السنوسي في المنطق مرارا وأقرأتهم تلخيص المفتاح في علم المعاني والبيان وأقرأتهم جمع الجوامع في علم الأصول لابن السبكي وأقرأتهم أيضا رسالة الشيخ أبي عبد الله محمد بن أبى زيد مرة في المدرسة المصباحية ومرة أخرى في جامع القرويين ولما كثر علي الطلبة جدا وعجزت أن أسمع آخرهم ومن كان في الطرف منهم لكثرتهم اتخذوا لي كرسيا أجلس عليه لأسمع الجميع وكان ذلك الكرسي في الموضع المرتفع من جامع القرويين وراء الخصة الموالية لدرب ابن حيون وبقيت في تدريس خطبة الرسالة في هذه المرة الثانية أكثر من شهرين لأني كنت أطول في نقل كلام الأئمة وشروحها وما يرد عليه من الأبحاث لكون الطلبة طلبوا مني ذلك وكان الطلبة يزدحمون على مجلسي في التدريس ويرغبون فيه لا لكوني أفقه من غيري بل غيري أفقه مني وأحسن ولكن لكوني كنت أوضح لهم المسائل وأفهمها وأبينها لهم جهدي بعبارة سهلة وأختار الفهم والبيان لهم على تحسين العبارة والتأنق فيها بنية خالصة فانتفعوا بسبب ذلك علي انتفاعا كثيرا فالله يحسن نيتنا ويتقبل سعينا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015